أنت هنا

قراءة كتاب فاطمة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
فاطمة

فاطمة

كتاب " فاطمة " ، تأليف نور مؤيد الجندلي ، والذي صدر عن دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 7

عادت إلى المطبخ تحاول إخفاء معالم الجريمة ورائحتها، بعد أن طلبت من وداد برجاء أن تعيد ترتيب الغرفة، ووعدتها بقصّة شعر بديعة تحسدها عليها صديقاتها إن هي أسرعت في الترتيب...

عاد عصام إلى البيت مقطباً، واستلقى على الأريكة ليلتقط بعض أنفاسه المتعبة، وصرخ منادياً على الغداء.

حين كان عصام يعود إلى البيت كانت الحركة فيه تتوقف، والهدوء يسود، فكأنه لم تكن قبل دقائق شجارات ولا معارك، ضحكات ولا حتى همسات، فالأولاد كلّهم كانوا يهابونه، ومع ذلك يحاولون التّمرّد في الخفاء، فإذا ما أتى انصرف كلّ واحد إلى غرفة، أو اجتمعوا كلهم في غرفة واحدة، يتشاجرون بصمتٍ، يبدؤون ذلك بهمسة أو غمزة أو لكزة أو قرصة، يتطور الأمر سريعاً إلى شجار صامت، خصلات شعر تُشدّ، وصراخ مكتوم، مصارعات حرّة تدور، ودموع تتساقط، وإجراءات هدنة وصلح، كلّ ذلك يتم بصوتٍ منخفض، فإذا ما غادر الأب عادت الحياة إلى طبيعتها، وانتشرت عناصر الشّغب في أرجاء المنزل، وعادت الحيويّة إليه من جديد.

ولم تكن فاطمة عن ردّة فعل الأولاد ببعيدة، فقد كانت تعمل جاهدة على احتواء زوجها بكلّ وسيلة، والابتعاد عن إغضابه، وتحويل بوادر الغضب إلى ابتسامة قبل وقوع أيّة كارثة...

حين وصل زوجها أسرعت وهيأت له الطعام، فتناوله وبدأ يأكل، وبعد لحظة، تلفت حوله، وسأل عن الأولاد...

تلكأت في الإجابة، وحاولت إخفاء الأمر عليه، وافتداء الخسارة من نقودها المدّخرة، لكن الإجابة حضرت بنفسها بين يدي أحمد ومحمد، يحملان الأكياس الثقيلة، وبصوتيهما الجهوريين يناديان:

- ماما... أين نضع الحليب؟!

فهم عصام ما حدث، وأزاح الطعام عنه بنزق وصرخ:

- خسارة جديدة، أليس كذلك؟ هل احترق أم سُكب أرضاً؟! ألا تعلمين كم خسارة منيتُ بها وأنا أقوم بهذا العمل بسببك؟ ألا تتعلمين أبداً؟!

ابتلعت ملامح الخوف والرهبة وابتسمت قائلة:

- لن أسمح لزوجي الحبيب بأن يخسر، لقد دفعت ثمن الحليب من مدخراتي فلا تقلق!

- وكيف لا أقلق، وهل الدفع من مدخراتك لا يعدّ خسارة؟! ألا تشعرين بالمسؤولية الملقاة على عاتقي؟ لقد عدت للتو من بيت والدتي، وأسمعتني كلاماً عن المساهمة في جهاز أختي، وعن واجباتي نحوهم، ثم إن لدي التزامات مادية كثيرة، لا تحتمل أخطاءكِ وعبثكِ...

قاطعته قائلة:

- سأساهم أنا نفسي بتجهيز أختك ماجدة أجمل جهاز، وسأعينك بما أستطيع، لكن لا تصرخ، ولا تقلب جوّ البيت إلى نكد، أرجوك...

لم يلتفت إلى رجاءات عينيها الطفوليتين الجميلتين، وغادر إلى غرفته وهو يردد...

الصفحات