أنت هنا

قراءة كتاب البقاء على قيد الكتابة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
البقاء على قيد الكتابة

البقاء على قيد الكتابة

كتاب " البقاء على قيد الكتابة " ، تأليف عبد العزيز محمد الخاطر ، والذي صدر عن دار المؤسسة العربية للدراسات والنشر .

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 6

المثقف بين الثبات على المبدأ والطمع في الغنيمة

من الصعب على العربي أن يـُثبت أن موقفـَه -تجاه أيّ قضية في بلده- موقفٌ مبدئي؛ أيّ يقوم على الإيمان بالمبدأ، وليس على أيّ شيء آخر، ومن السهل جداً أن يـُقال له إنه لو أصاب شيئاً من الغنيمة، لتغير موقفه، ولربما انقلب رأساً على عقب، وحده الموقف من العقيدة لدى البعض وليس الكل يمكن أن يكون استثناء· تاريخنا العربي هو تاريخ الغنيمة بامتياز، وتاريخ الولاءات بدرجة مماثلة· لذلك يـُضرب المثل بالمعارضة العربية، عندما يأتي الحديث عن الظرف والانتهازية لا عن الأجندة والمبدأ· إنّ الموالاة والمعارضة في عالمنا العربي، هي لعبة كراسي موسيقية، كل فقرة تنتهي يتغير فيها الكرسي وصاحبه من موقع إلى آخر· لذلك كثير مما يثار في الصحف والمجلات وكثير مما يكتب، لا يخرجُ تقييمه عن ذلك، لو أصابه شيء من الغنيمة، لانتقل إلى الضفة الأخرى، لا يستطيع حتى الصادق إثبات غير ذلك؛ لأنه لم يتعرض للاختبار بعد· قل لي كم وزيراً رفض الوزارة والمنصب! رغم انتقاده للسياسات وتوجهها، فقط في الكويت تـُرفض الوزاره للفوز بكرسي البرلمان، مما يعني غنيمة أكبر· الموقف المبدئي يحتاج إلى بنية تحتية مختلفة تماماً غير متوفرة في عالمنا العربي، ما يفعله العربي هو أداؤه للدور لا أكثر، ومهما كانت درجة تقمصه لهذا الدور، يظل الخروج منه سهلاً وميسراً· العربي صاحب مبدأ من السلطة حتى تلوحَ له أو تغريه الغنيمة التي يقوم عليها عقله السياسي، كما ذكر الجابري رحمه الله· المبدأ من السلطة ليس هو بالضرورة المبدأ من الحياة· تاريخنا شاهد على اعتذاريات مثقفينا وتراجعهم وانخراطهم وعودتهم، وتنكرهم لما قاموا به-والعود أحمدُ- حتى لو لم يتغير السبب أو يزول، ولكن ظروفهم تغيرت إما سلباً وأحيانا كثيراً إيجابياً·

لذلك لا تعبأ العقلية ُ العربية حتى ونحن في عصر ثورة الاتصالات وسرعة وسائل النقل، بما يـُكتب وتفيضُ به الصحف والمنتديات؛ لأنها تدركُ حسب تجربتها الطويلة التاريخية التي عاشتها أو قرأتها تاريخاً أنّ القضية قضيةُ نصيب من الغنيمة لم يتحصل بعد، ولا تكترثُ السلطة كذلك بما يُكتب لأنها تملك الجزرة وتستعملها حين ومتى تشاء· ربما هناك استثناءات عبر التاريخ -بسيطة جداً لا تكاد تذكر- في ثنائية الفرد والسلطة بالذات· لست ممن يؤمنُ بالحتميات، ولكن الخروج منها يتطلب حفراً تاريخياً وخروجاً عن المرجعية التاريخية التي تؤبدها· هل يُعذر العربي عندما يكون موقفـُه زئبقياً حسب ترائي الغنيمة له! ألم يكن متماشياً مع تاريخه الذي يقرأه ماضياً ويعيشُه ويصنعُه معهم حاضراً! وهل يـُلام من ينتقد مثقفي هذا العصر؛ بأنهم وقتيون وحسب مصالحهم! جميعنا ينتقدُ من أجل الصالح العام- الكل يقول ذلك- لكن ماذا إذا انتفى تقابل الصالح العام مع الصالح الخاص! أو ماذا لو ضحكت لك السلطة يوماً، هل تقوى على مقاومة أسنانها الذهبية! أم أنك خارج التاريخ العربي، هذا هو

الصفحات