أنت هنا

قراءة كتاب الساعد الغربي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الساعد الغربي

الساعد الغربي

أية لحظة.. مباغتة، ستفاجئنا بالحنين ونحن نتشكل بعد، أية مدارات ستنجرف أحلامنا ونحن نتهاوى على قباب الروح والجسد.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 6
الآن يمكنني أن أستعيد كل شيء..
 
فالاصطحاب الأول شبيه بمغامرة، فكل شيء فيها يصير مفعماً وواعداً ومدهشاً، فإذا بك تقدم كل نبلك وتبرز كل مقوّماتك وتضحياتك وأخلاقك، وينطلق اللسان في جولة بانورامية استعراضية عن المنجزات والذكريات، كل ذلك يتخلله الضحك والمجاملة والدخان والقهوة والكتب والمجلات والجرائد وكذلك الشعر الأشعث والجينز الكاحت والفوضى.
 
أضواء المحال على طول الشارع كانت كأنها تبعث ألقاً فريداً لا يتكرر، وكنتَ أنتَ تزداد شهية ونضارة وتبدو بجانبي مثل حدّاء بشير.
 
هبطنا الإسفلت المقابل للكشك على طرف الشارع عند مجرى النهر، عبرنا من أمام رجال ثلاثة يقفون أمام أحد المحال التجارية، وهم ينظرون إلينا، لا يفعلون شيئاً سوى تأمل السابلة، قلت لك، أو قلت في نفسي عندما قبضت على أصابعي فجأة لننحدر سلماً متواصلاً وطويلاً..
 
بعد ذلك إلى صديقك في القبو المطل على فسحة تراكمت بها أشياء مهملة. تخلفتُ قليلاً عنك، وأنت تمضي إلى الباب وتدخل كصديق قديم ويومي، واستعدت وأنا أعض على شفتي السفلى «الشيخ إمام» كان تشابه الأمكنة يشي بذلك، أقبية أخرى كثيرة دخلناها، أولى مغامرات العمل السياسي ونحن نغني «يا فلسطينية وأنا بدي سافر معاكن... ناري بإيدي... وإيديَّ تنزل معاكن على راس الحية وتموت شريعة هولاكو» ... و«شرفت يا نيكسون بابا يا بتاع الووترغيت» و«البحر بيضحك ليه... ليه وأنا نازلة أدلا حاملة القلل».. فجأة فتح الباب... ودخلت.
 
ولمّا ناديتني لأدخل كنت أرتعش، بما يكفي لألقي على صديقك القديم ما يكفي من الحميمية، بيدَّ أنه فاجأني عندما سألته أنت... وأنت دائماً تسأل السؤال ذاته... ودائماً درويش... يومها كانت الجدارية قال إن لديه ما هو أهم للقراءة... حينها لم تلاحظ الرسالة التي عناها، لكنني فيما بعد سأصطدم بها كثيراً ولم يمضِ وقت طويل لأدرك أن الشوفينية تبدأ عندما تنهار أحلام هؤلاء أنصاف المثقفين وأشباه المناضلين، ليأتي الدكتاتور ليقودهم ويوجه حذلقاتهم وضيق أفقهم... يجدد بها أمجاده الزائفة والسليبة، كان زمناً صعباً بالفعل، لكن هذه هي ضرائب التاريخ دائماً... الصميمية تحمل دوماً قدراً من الهمجية.
 
عندئذ أدركت أن السذاجة التي قادتنا ذات يوم إلى الكبرياء والمثل، كانت سذاجة العواطف التي صنعت أفكاراً عظيمة وكبيرة، وإن ظلت غير مفهومة ذلك أن سذاجة الأفكار تقود بالضرورة إلى عواطف ضحلة..
 
والآن كيف نعيش..؟

الصفحات