You are here

قراءة كتاب سنة الأحلام الخطيرة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
سنة الأحلام الخطيرة

سنة الأحلام الخطيرة

كتاب " سنة الاحرم الخطيرة " ، تأليف سلافوي جيجيك ترجمه إلى العربية أمير زكي ، والذي صدر عن دار التنوير عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
دار النشر: دار التنوير
الصفحة رقم: 2

الكتاب الحالي يحاول أن يُسهم في هذه «الخريطة الإدراكية»(vii) (جيمسون) لمنظومة أفكارنا. فبعد تقديم وصفٍ مختصرٍ للملامح الرئيسية لرأسمالية اليوم، يقوم بتحديد شكل الأيدولوجيا المُهيمِنة، مُرَكِّزا على الظواهر المقابلة (الثورات الشعبوية تحديدًا) التي ظهرت كردِّ فعلٍ على التناحُرات الاجتماعية. النصف الثاني من الكتاب يُناقش الحركتَين التحرُّرِيّتين العظيمتَين في 2011 ـ الربيعَ العربيَّ، واحتلّوا وول ستريت، قبل أن يواجِه ـ من خلال مناقشة مُسلسَل «الشبكة»(viii) ـ السؤالَ الصعبَ عن كيفيّة محاربة النظام بدون أن نُسهم في وظيفيّته المثبتة.

أداةُ هذا السرد هو ما أَطلَق عليه كانط «الاستخدام العامّ للعقل»(ix). فعلى المرء اليوم، أكثر من أيِّ وقتٍ مضى، أن يضع في ذهنه أنَّ الشيوعية تبدأ من «الاستخدام العامِّ للعقل»، مع التفكير، ومع المساواة العالمية في التفكير. بالنسبة لكانط، الفضاء العامُّ لـ«المجتمع المدني العالمي» يُشكِّل التناقض في الفردية العالمية، الذات الفردية التي تتجاوز، في نوع من المدى القصير، تدخُّلَ الخاصّ، وتشارك مباشرة في العالمي. هذا هو ما يَعنيه كانط، في الفقرة الشهيرة من مقاله: «ما التنوير؟»، بـ«العامّ» كمقابل لـ«الخاصّ»: الأخيرة لا تُحيلُ إلى فردية المرء، كمقابلٍ للروابط الجمعية، ولكن للنظام الجمعي ـ المؤسَّسي نفسه لتعريف الفرد المُحدَّد؛ بينما «العامّ» يُشكِّل عالمية مجاوزة للوطني في أداء عقل المرء.

على أيِّ حال، أليست ثنائيةُ استخدام العقل العامِّ والخاصِّ تعتمد على ما يمكن أن نطلق عليه، بالمصطلحات المعاصرة، تعليقَ الكفاءة الرمزية (أو القوَّة الأدائية) للاستخدام العامِّ للعقل؟ لا يرفض كانط نسقَ الطاعة التقليديَّ: «لا تُفكِّر، أَطِع» لحساب نقيضه الثوري المباشر: «لا تُطِع (وتفعل ما يطلب الآخرون أن تفعله)، فكِّر (بعقلك)» نسِّقْه هو بالأحرى: «فكِّر، وأَطِع»؛ هذا هو الأمر، فكِّر بعمومية (بالاستخدام الحُرِّ للعقل) وأَطِع بخصوصية (كجزءٍ من الآلية الهيراركية للقوَّة). باختصار، فالتفكير بحرِّية لا يأمرني بفعل أيِّ شيء على الإطلاق. أقصى ما يمكنني فعلُه عندما يقودني «الاستخدام العامّ للعقل» إلى رؤية الضعف والظلم في النظام الموجود هو تقديم طلب للحاكم من أجل الإصلاح. يمكن للمرء حتَّى أن يمضيَ خطوة أبعد ويزعم، مثل تشيسترتون(x)، بأنَّ الحرِّية المُجرَّدة للتفكير (والشكّ) تمنع بإيجابية الحرِّية الحقيقية:

«يمكننا القولُ بثقةٍ إنَّ حرِّية الفكر هي أفضلُ دروعِ الحماية ضدَّ الحرِّية؛وعلى الطريقة الحديثة فإن تحرّر عقل العبد هو أفضل طريقة لمنع تحرُّر العبد؛ عَلِّمه أن يهتمَّ بإن كان عليه أن يكون حرًّا ولن يستطيع تحرير نفسه»(5).

ولكن هل يكون طرح subtraction التفكير من الفعل، وتعليق كفاءته، بهذا الوضوح والإطلاق؟ إن إستراتيجية كانط السرية هنا (سواء كانت مقصودة أو لا) تماثل الحيلة المعروفة للمحامي الذي يطلق تصريحًا للمُحلّفين وهو يعرف أنَّ القاضي سيعلن أنه «غير مقبول» ويطلب من المُحلّفين أن «يتجاهلوه» ـ وهو أمر مستحيل بالطبع؛ لأنَّ الأثرَ كان قد حدث بالفعل. أليس هذا الانسحاب من التأثير بالاستخدام العامِّ للعقل هو أيضًا استبعاد يفتح فضاءً لنوع من الممارسة الاجتماعية المختلفة؟ من السهل جدًّا الإشارة للفارق الواضح بين الاستخدام العامِّ للعقل الكانطي وفكرة ماركس عن وعي الطبقة الثائرة: الأولى محايدة ومنفصلة، والثانية جزئية ومنغمسة تمامًا. ولكن «الوضع البروليتاري» يمكنه أن يُعرَّف بدقّة النقطة التي يصبح فيها الاستخدام العامّ للعقل في ذاته عمليًّا ومؤثّرًا بدون التراجع إلى «خصوصية» الاستخدام الخاصّ للعقل، طالما كان الوضع الذي نعمل عليه هو «جزء لا يتجزأ» للهيكل الاجتماعي، مداه الذي يقف مباشرة من أجل الكُلّية. في المقابل، فحصر الستالينية للنظرية الماركسية كخادم لحزب الدولة هو بالتحديد حصر العامّ للاستخدام الخاصّ للعقل.

فقط هذه المقاربة التي تجمع كلية «الاستخدام العامّ للعقل» بالوضع المنغمس الذاتي يمكنها أن تقدِّم «خريطة إدراكية» ملائمة لموقفنا. كما يقول لينين: «علينا أن نصرِّح بالحقائق» aussprechen was ist «الاعتراف بحقيقة أنَّ هناك نزوعًا..» ما النزوع؟ أيّ الحقائق يجب أن يُصرَّح بها مع وضع الرأسمالية العالمية اليوم في الاعتبار؟

Pages