You are here

قراءة كتاب سنة الأحلام الخطيرة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
سنة الأحلام الخطيرة

سنة الأحلام الخطيرة

كتاب " سنة الاحرم الخطيرة " ، تأليف سلافوي جيجيك ترجمه إلى العربية أمير زكي ، والذي صدر عن دار التنوير عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
دار النشر: دار التنوير
الصفحة رقم: 4

البرجوازية الجديدة لا تزال ملائمة لـ«فائض القيمة»، ولكن في شكل (غامض) ممَّا يطلق عليه ملنر «فائض الأجر»: في العموم، فأعضاؤها يتلقّون أجرًا أعلى من «الحدِّ الأدنى للأجر» البروليتاري (النقطة المرجعية المُتخيّلة ـ وغالبًا الأسطورية ـ والتي مَثَلَها الوحيد في الاقتصاد العالمي اليوم هو أجر عامل في مصنع كدح(vi) في الصين أو إندونيسيا)، وهذا هو الاختلاف عن البروليتاريين العاديين، هذا الفارق، الذي يحدّد وضعهم. بالتالي فالبرجوازية بالمعنى الكلاسيكي تميل للتلاشي: يعاود الرأسماليون الظّهور في وضع فرعي للعمَّال المستأجرين ـ المديرين المؤهَّلين لكسب أكثر عن طريق كفاءتهم (لذلك يكون «التقييم» العلميُّ الزائف، الذي يبرِّر مكاسبهم الأعلى، حاسمًا هنا). نمط العمّال الذي يكسبون فائض ـ أجرٍ ليس، بالطبع، قاصرًا على المديرين: إنَّه يمتدُّ إلى كلِّ أنواع الخبراء، والرؤساء والموظّفين والأطباء والصحفيِّين، والمثقَّفين والفنَّانين. الزيادة التي يكسبونها لها شكلان: أموال أكثر (بالنسبة للمديرين وما إلى ذلك) ولكن أيضًا عمل أقلّ، هذا الذي يعني وقت فراغ أكبر (بالنسبة لبعض المثقَّفين، ولكن أيضًا بالنسبة لبعض أعضاء إدارة الدولة، وما إلى ذلك). الإجراء التقييمي هذا الذي يُؤهّل بعض العمّال ليحصلوا على فائض أجر، هو بالطبع ميكانيزم اعتباطي للقوّة والأيدولوجيا، بدون رابطٍ جادٍّ مع الكفاءة الحقيقية ـ أو، كما يشرح ميلنر؛ ضرورة فائض ـ الأجر ليست اقتصادية، ولكنَّها سياسية: لتحافظ على «طبقة متوسّطة» من أجل الاستقرار الاجتماعي. تعسّف الهيراركية الاجتماعية ليس خطأً، ولكنَّه الأمر برمته، لأنَّ تعسّف التقييم يلعب دورًا مماثلًا لتعسّف نجاح السوق. بكلماتٍ أخرى، لا يُهدّد العنف بالانفجار عندما تكون هناك إمكانية مفرطة في المناخ الاجتماعي، ولكن عندما يحاول أحدهم أن يمحو هذه الإمكانية.

هنا تقع واحدة من المآزق التي تواجهها الصين اليوم: إصلاحات دينج(vii) كانت تريد تقديم رأسمالية بدون برجوازية (على أنها الطبقة الحاكمة الجديدة)؛ على أيِّ حال فالقادة الصينيُّون الآن أصبحوا واعين لدرجة مزعجة بأنَّ الرأسمالية دون هيراركية مستقرّة (أتت عن طريق البرجوازية كطبقة جديدة) ستخلق عدم استقرار دائم. إذن فأيّ طريق ستمضي فيه الصين؟ بشكل أكثر عمومية، هذا أيضًا هو سبب ـ ولنفترض ذلك جدلًا ـ أن الماركسيين السابقين يعاودون الظهور كأكفأ المديرين في الرأسمالية: إن عداءهم التاريخي للبرجوازية كطبقة مناسب تمامًا لتقدُّم الرأسمالية المعاصرة نحو نظامٍ إداريٍّ بدون برجوازية ـ في الحالتين، وكما شرح ستالين من مدّة طويلة: «إنَّ الكوادرَ تُقرِّر كلَّ شيءٍ»(9).

فكرة فائض الأجر تسمح لنا أيضًا بأن نُلقيَ ضوءًا جديدًا على المظاهرات الراهنة «المناهضة للرأسمالية»، ففي أوقات الأزمة، المرشَّحون الواضحون لـ«ربط الأحزمة» هم المستويات الدنيا من البرجوازية المستأجرة: طالما كانت فوائض ـ أجورهم لا تلعب دورًا اقتصاديًّا محايثًا، فالشيء الوحيد الذي يقف في طريق مشاركتهم للبروليتاريا هي قدرتهم على التظاهر السياسي. وعلى الرغم من أنَّ هذه المظاهرات تُقاد ظاهريًّا ضدَّ المنطق الوحشي للسوق، فإنَّهم في الواقع يتظاهرون ضدَّ التآكل التدريجي لوضعهم الاقتصادي (السياسي) المُميّز. لنستعِدْ الخيال الأيدولوجي المفضَّل لآين راند (من «أطلس لا مُباليًا»(**) عن أنَّ الرأسماليين («المبدعين») سيُضربون ـ ألا يجد هذا الخيال تعبيرًا منحرفًا في العديد من الإضرابات اليوم، التي يُضرِبُ فيها عادةً العديد من «البرجوازيين المستأجرين» ودافعُهم هو الخوفُ من فقدان امتيازاتهم (الزيادة على الحدِّ الأدنى من الأجر)؟ إنَّها ليست مظاهراتٍ لبروليتاريا، ولكن مظاهراتٍ ضدَّ التهديد من أن يتراجعوا إلى الحالة البروليتارية. بكلماتٍ أخرى؛ من يجرؤ على الإضراب اليوم، في حين أنَّ أمان الوظيفة الثابتة ذاته يصبح امتيازًا؟ إنَّهم ليسوا عمّالًا محدودي ـ الأجر في (ما تبقَّى من) صناعة النسيج وما إلى ذلك، ولكنّهم مجموعة العمَّال أصحاب الامتيازات في وظائف مضمونة (غالبًا في الخدمة المدنية: الشرطة وغيرهم من مطبّقي القانون، المدرِّسون، عمّال النقل العامّ، وهكذا). هذا ينطبق أيضًا على المَوجة الجديدة من مظاهرات الطلبة: الدافع الرئيسي هو ـ جدلًا ـ الخوف من أنَّ التعليمَ العاليَ لم يعُد يضمن لهم فائضَ ـ أجرٍ في حياتهم المقبلة.

بالطبع فالإحياء العظيم للتظاهر ـ من الربيع العربي وحتّى أوروبّا الغربية، من احتلّوا وول ستريت إلى الصين، من أسبانيا وحتَّى اليونان ـ لا يجب أن يُترَك كمجرّد ثورة للبرجوازية المستأجرة، إنَّه يشير إلى شيء فيه إمكانية راديكالية أكبر، إمكانية تحتاج لتحليلٍ صارمٍ يتعلّقُ بكلّ حالة على حدة. مظاهرات الطلبة ضدَّ إصلاحات الجامعة في المملكة المُتَّحدة على سبيل المثال كانت تختلف بوضوح عن اضطرابات المملكة المُتَّحدة في أغسطس 2011 ـ هذا الكرنفال الهدمي الاستهلاكي، والانتفاضة الحيوية لهؤلاء المنبوذين من النظام. وبالنسبة للانتفاضة في مصر، يمكن للمرء أن يفترض أنَّها بالفعل بدأت كثورةٍ للبرجوازية المستأجرة (الشباب والمتعلِّمون يتظاهرون ضدَّ غياب التوجُّهات)، ولكن سريعًا أصبحت جزءًا من تظاهُرٍ أوسعَ ضدَّ النظام القمعي. ولكن إلى أيِّ مدًى حرَّك التظاهر العمّال والفلّاحين الفقراء؟ ألا يشير الانتصار الانتخابي للإسلاميين إلى القاعدة الاجتماعية الضيّقة للتظاهر العلماني الأصلي؟ اليونان حالة خاصّة هنا: ففي العقود القليلة الماضية، خُلِقَت البرجوازية المُستأجَرة (خاصّة في ظلِّ الإدارة شديدة الهيمنة للدولة) بالمساعدة المالية للاتحاد الأوروبّي، ومعظم التظاهُر الممتدّ هو ردُّ فعلٍ على التهديد من فقدان هذه الامتيازات.

Pages