أنت هنا

قراءة كتاب خلود

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
خلود

خلود

راوية "خلود" للكاتب الفلسطيني سمير الجندي، يسجل من خلالها العلاقات الإنسانيةً، والهموم الشخصية، وواقع تعيشه مدينة القدس حيثُ تتصارع حولها الأحلام والأماني، ونزعات الخير والشر، وبقاء الحياة والوجود بين الأنا والآخر , 

تقييمك:
4
Average: 4 (2 votes)
المؤلف:
دار النشر: دار الجندي
الصفحة رقم: 2
1
 
لم نكن على موعد حين التقينا ذلك المساء، لقاءً كل ما فيه صدفة، وقفت أمامي بهيئتها الأرجوانية، ووجهها المشرق بالحميمية والبراءة والطيبة، كان صافيا، لم تستطع الأيام العبث ببهجته وحيويته، اقتربتْ من مقعدي وجلست قربي حتى لم يعد يفصلني عنها شيء، صمت جسدي، وكاد قلبي يخرج من مكانه، شعرت بعطرها، وأُنسها، تحركت كل خلايا جسدي واستفزت كل ذكرياتي التي ظننتها قد تلاشت مع السنين الطويلة التي التهمت معظم عمري، وعدت صبيا ينتظر محبوبته، التي اعتادت المرور أمام ناظريه في غدوها ورواحها، وعادت قصائدي التي نظمتها على إيقاع خطواتها، تعبر أمامي كالملاك الذي يحلق على جناح فراشة بيضاء، محلقة طربا على نغم كلاسيكي نُسجت موسيقاه بعناية إلهية، عاد الحلم بكل تفاصيله، عاد يحمل على جناحيه عبير المحبة وعطر العشق السرمدي.
 
كانت أمسية ولا كل الأمسيات، أمسية ولدت فيها من جديد رجعتُ إلى حياتي، أو رجعت إليّ حياتي، نعم، حياتي التي لها معنى وقيمة وثراء، ثراء في البهجة والطمأنينة والأمان ، ثراء في القيم النبيلة والطموح الشريف...
 
 كنت سعيدا لدرجة غادر النوم جفوني، لم أبد رغبة به وكأنني لم أشأ أن يسلبني بعض سعادتي... غريبة هي الحياة بتفاصيلها وجزئياتها الدقيقة، إننا لا نستطيع النوم عندما يلفنا الحزن وتلتهمنا المعاناة، كما لا نستطيع النوم عندما نكون في قمة سعادتنا ، غريب أنت أيها الإنسان وعجيب أمرك، فأنت كتلة من المتناقضات...
 
 لم ادر كيف تناولت جهاز الهاتف، وكيف طبعت أرقام هاتفها، وكيف اخترت حروف تحية الصباح... لا أعرف من أين جاءتني تلك الجرأة لأرسل لها رسالة نصية على هاتفها النقال...
 
بعد دقائق معدودة وبعد أن راحت السكرة، قلقت، واستهجنت الأمر، ماذا سيحدث لو أن الشخص الخطأ تناول الهاتف وقرأ تلك الرسالة؟
 
راودني الكثير من القلق خوفاً من أن أسبب لها الإحراج في حياتها، أخذت أضرب أخماسا بأسداس، أنّبت نفسي وعنّفتها على هذه الخطوة الطائشة، والتصرف الأرعن، تمنيت لو أن الأرض تنشق وتبتلعني...

الصفحات