أنت هنا

قراءة كتاب خلود

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
خلود

خلود

راوية "خلود" للكاتب الفلسطيني سمير الجندي، يسجل من خلالها العلاقات الإنسانيةً، والهموم الشخصية، وواقع تعيشه مدينة القدس حيثُ تتصارع حولها الأحلام والأماني، ونزعات الخير والشر، وبقاء الحياة والوجود بين الأنا والآخر , 

تقييمك:
4
Average: 4 (2 votes)
المؤلف:
دار النشر: دار الجندي
الصفحة رقم: 9
- ممنوع المرور من هنا، عليكم السير بذلك الاتجاه، أي باتجاه سوق العطّارين، كان المنفذ الوحيد الذي نستطيع الولوج عبره، دخلنا سوق العطّارين، وسرنا فيه كالقطيع، نحن والكثير من الناس، حتى وصلنا إلى سوق خان الزيت، كانت رائحة التوابل هي هي، تفصح عن نفسها تتسلل من خلف أبواب الحوانيت المغلقة، تصرخ معلنة عن رفضها الغرباء، تركنا طريق عقبة التكية لم ندخله، وسرنا عبر عقبة المفتي، ما زال بيت المفتي موجوداً في مكانه رغم مرور نكبات على وفاة الحاج أمين الحسيني، حجارة البيت في مكانها تشهد على خطط وأفكار وأحلام المفتي الشاب، لكن مؤامراتهم وخيانات البعض أثبتت أنها أقوى من الأحلام والآمال الوردية، فجأة سقطت من يد أبي زهير صفيحة الزيت بعد أن نُزعت الحلقة المثبتة على سطحها فسكب الزيت على الأرض، ليكتمل الألم...
 
 في هذا الحي يتجمع التاريخ بكثافة، وتتعانق الآلام، يسميه البعض طريق الآلام، وأنا اليوم أنظر إليه هكذا، طريق الآلام، فمع كل خطوة من خطواتنا سار الألم مكشراً عن أنيابه، هنا سار السيد المسيح يحمل جراحه، وها نحن نسير على خطاه، نحمل آلامنا، وهنا أيضا سار الحاج الجليل يحمل آماله المحطمة، وها نحن الآن نسير على نفس الطريق نحمل جراحنا وأحلامنا الممزقة، وكلما سرنا سار معنا العذاب، صرنا على موعد مع القهر، فجأة أصبحنا بلا مأوى، بلا بيت نركن إليه، أين سأضع جسدي إذا ما شعرت بالنعاس؟
 
أين أركن حقيبتي المدرسية؟
 
كيف أتقي لسعة برد الفجر؟
 
 كيف أُسكت ظمئي؟
 
 لقد نسينا أخذ "طبلية" الطعام التي تجمعنا على العشاء كل ليلة!! فهل سنجتمع على العشاء من جديد؟
 
 هل سيكون عشاء بعد الآن!!!
 
 ربما لدينا بعض طعام لهذا اليوم، ولكن...كادت تنزل دمعتي لولا أن والدتي طلبت مني الانتباه على أختي حتى لا نفقدها أيضاً، أخذ عقلي يصرخ بهذه الأسئلة التي أرعبتني، شعرت بالخوف يدب في بدني، نهشني القلق عندما لم أجد إجابة على أسئلتي، ما زلنا نسير على غير هدى خلف أبي زهير، كان ما يزال عابساً، لا يتكلم، يجرنا خلفه كتلا يمزقها القلق، ألسنتنا صامتة، وقلوبنا تتحرك متثاقلة، وعقولنا تثرثر بأفكار متضاربة، وعيوننا لا تميز الألوان، وبصيرة شيخنا أصابها العقم بعد سقوط صفيحة الزيت من يده ...

الصفحات