أنت هنا

قراءة كتاب خلود

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
خلود

خلود

راوية "خلود" للكاتب الفلسطيني سمير الجندي، يسجل من خلالها العلاقات الإنسانيةً، والهموم الشخصية، وواقع تعيشه مدينة القدس حيثُ تتصارع حولها الأحلام والأماني، ونزعات الخير والشر، وبقاء الحياة والوجود بين الأنا والآخر , 

تقييمك:
4
Average: 4 (2 votes)
المؤلف:
دار النشر: دار الجندي
الصفحة رقم: 5
3
 
  كنا داخل ذلك الملجأ النتن، الذي تفوح منه رائحة كريهة تقتل كل مشاعر الأمان والجمال والحياة، وبينما كان مذياع أبي زهير ينشد بصوت عال:
 
 "ع الميدان يا ابن الأردن ع الميدان..." 
 
فإذا صوت يعلو منادياً عبر مكبرات الصوت:
 
-  على جميع الرجال والشباب الخروج من المنازل والتجمع في الساحة فوراً ...
 
 اخفض المذياع يا أبا زهير حتى نسمع ما يدور في الخارج...
 
عاد الصوت الذي اقترب أكثر:
 
- على الرجال والشباب الخروج من البيت والتجمع في الساحة فوراً ...
 
 خرجت ممسكاً بيد أبي زهير، كنت أُحبه واحترمه كان رجلاً ضريراً، فقد بصره قبل أن يدرك الحياة وألوانها، لم أره خارج المنزل "مفرع" الرأس إلا هذه المرة، لم يهتم بوضع الطربوش على رأسه وأنا لم أجد الفرصة لتذكيره بذلك، فلم يكن لينسى هذا الأمر مهما كانت الأسباب ولكنه الآن خرج بدون الطربوش...
 
 كنت دليله في اغلب طلعاته خارج المنزل كان يعتمد عليَّ في ذلك، ضاقت الساحة بالزحام...الجميع في وجوم وصدمة، وجوه الرجال غيرها قبل خمسة أيام، لا أدري ماذا حلّ بها فقد صارت هزيلة ، وألوانها غريبة ورائحة الحموضة تفوح من الأجساد،  كرائحة الخضار المتعفنة، عيونهم متعبة ناعسة، وحول العيون ذلك اللون الأسود الذي يكوّن إطارا من التعب والخوف والرهبة من المجهول، فمعظم الرجال الذين تجمعوا في الساحة عاشوا عذابات الشتات والهجرة القصرية عام ثمانية وأربعين... 
 
  يتهامس الرجال بصوت يشبه الهمهمات... هم اليهود وقد احتلوا المدينة، وهاهم يجمعون الرجال في الساحات،  جنود مدججين بالأسلحة التي لم أتعود رؤيتها من قبل، يضعون على رؤوسهم الخوذ السميكة، ويوجهون بنادقهم نحونا ... وقف الجندي الذي يحمل بيده مكبراً للصوت يقول:
 
- نحن " جيش الدفاع الإسرائيلي " نحذركم ... نأمركم بترك منازلكم خلال ثلاث ساعات وإلا سوف نهدمها على رؤوس من فيها...

الصفحات