أنت هنا

قراءة كتاب خلود

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
خلود

خلود

راوية "خلود" للكاتب الفلسطيني سمير الجندي، يسجل من خلالها العلاقات الإنسانيةً، والهموم الشخصية، وواقع تعيشه مدينة القدس حيثُ تتصارع حولها الأحلام والأماني، ونزعات الخير والشر، وبقاء الحياة والوجود بين الأنا والآخر , 

تقييمك:
4
Average: 4 (2 votes)
المؤلف:
دار النشر: دار الجندي
الصفحة رقم: 3
مضى ذلك اليوم بطيئاً، ثقيلاً لا روح فيه، عجزت عن عمل شيء مفيد، شعرت كأنني مقيد بسلاسل تضغط على روحي القلقة، حرثت المكان جيئة وذهاباً كبندول ساعة لا يملّ، تخاصمت مع القدر، أنبت نفسي المتهتكة، لعنت لحظة الخنوع لجهاز الهاتف، نظرت إلى ساعة يدي للمرة الألف في أقل من ساعة لعل الوقت يذهب حاملاً عجزي وقلقي... كم كرهت نفسي في ذلك اليوم!! استسلمت لأفكار سوداء أزعجتني بل أرعبتني، لعن الله الهواتف النقالة... لعن الله من صنعها...  
 
 تسارعت نبضاتي، وتجمدت مفاصلي عندما رن جرس هاتفي فجأة ولم يظهر على شاشته رقم المتصل...ترددت في الرد... لكنه سكت... ثم بعد لحظات رنّ مرة ثانية، قلت في نفسي : تُرى من هذا المتصل؟ أيكون من أفكر به؟
 
من يا ترى يتصل بي دون أن يُظهر رقمه؟!
 
امتلكتني تلك الأفكار السوداء مرة ثانية، حِرت في الأمر، ولكن بعد إصرار المتصل على مكالمتي استجمعت بقية شجاعتي المتناثرة في متاهات نفسي، ضغطت على كبسة الاستقبال ووضعت السماعة على أذني اليمنى ولم أتكلم، أردت أن أسمع حتى أعرف من المتصل...
 
كان صوتاً نسائياً شفافاً، عرفته صوتها...هدأت نفسي مرة واحدة كأنني أنزلت حملاً ثقيلا عن كتفي  ... 
 
 عانقني صوتها، أذابني همسها، طوقتني أنفاسها، فامتزجت مع أنفاسي وأحلامي وعشقي ...
 
 قالت لي:
 
- أردت أن أرد على تحيتك.
 
 فلم اسمع أجمل من كلمات "صباح الخير" من ثغرها، لقد رسمت لها صورة حفرتها في قلبي، وجهها الصافي كنبع من الحنان، عيناها تلمعان بشغف، شفتاها كحبتي فراولة ناضجة، جسدها الغض، الذي تكاد الأرض لا تحمل سواه، كان يهتز لها قلبي ويرقص طربا، صادقت طيفها، أودعته كل أسراري، قرأت له كل قصائدي العذرية، أطلعته على رسوماتي الماسية، كان يفيض حناناً كلما رأى دمعة تصارع مقلتي، فيمد لي منديله الزهري الذي يحمل عطرها الملائكي، في ذلك المساء امتلأت رئتاي بذلك العطر، لأول مرة تجتمع هي وطيفها وأنا في مكان واحد يسع الكون...    
 
شعرت بأن الحياة تبتسم من جديد، رغبت أن أقدم لها حدائق الكون بأزهارها وأشجارها وجداولها، كباقة حب.

الصفحات