أنت هنا

قراءة كتاب المرأة في العصور العباسية دراسة نحوية وأسلوبية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المرأة في العصور العباسية دراسة نحوية وأسلوبية

المرأة في العصور العباسية دراسة نحوية وأسلوبية

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 3
كان الكثيرون من العرب يتأبّون منها ، لما عرف عنهم من الغيرة على الشرف وكان من النادر عندهم أن يرى الإنسان بنتاً بالغة قد أدركت سن الزواج أو أرملة صغيرة في سن الزواج ولم تتزوّج ، كما كانوا يطلّقون ،والطلاق بيد الرجل ولا أدل على ذلك من طلاق الفاكه بن المغيرة المخزومي لهند بن عتبه بقوله لها : إلحقي بأبيك ولما برأها الكاهن مما رماها به الفاكه أراد أن يسترجعها فأبت عليه ذلك(3) وإذا كان الطلاق في الجاهلية بيد الرجل فان بعض النساء آنذاك كن يشترطن أن يكون أمرهن بأيديهن ، ولا ينكر أهلوهن عليهن ذلك ، فكانت الواحدة منهن يأتيها الخاطب فتجلس إليه ، وتظهر أمامه على طبيعتها دون تكلف أو تصنّع ، روي أن هند قالت لأبيها عتبة بن ربيعة إني امرأة قد ملكت أمري فلا تزوجني رجلاً حتى تعرضه عليّ ، قال : لك ذلك، فقال لها ذات يوم انه قد خطبك رجلان من قومك ولست مسميأً لك واحداً منهما حتى أصفه لك، أما الأول ففي الشرف الصميم والحسب الكريم تخالين به هَوَجاً من غفلته وذلك اسجاح من شيمته ،حسن الصحابة ،سريع الإجابة،إن تابعته تبعك ،وان ملت كان معك، تقضين عليه في ماله، وتكتفين برأيك عن مشورته، وأما الآخر ففي الحسب الحسيب، والرأي الأريب بدر أرومته ، وعزّ عشيرته ، يؤدب أهله ولا يؤدبونه ،إن تبعوه أسهل بهم ، وإن جانبوه توعر عليهم،شديد الغيرة ، سريع الطيرة، صعب حجاب القبّة ، إن حاجّ فغير منزور ، وإن نوزع فغير مقهور، وقد بينّته لك كليهما، قالت أما الأول فسيّد مضياع لكريمته، مواتٍ لها فيما عسى أن تعتصّ أن تلين بعد ابائها ، وتضيع تحت خبائها إن جاءته بولد أحمقت وإن أنجبت فعن خطأ ما أنجبت، اطوِ ذكر هذا عنّي ولا تسمه لي،وأما الآخر فبعل الحرة الكريمة ، إني لأخلاق هذه لوامعَة، واني لأخذة بأدب البعل مع لزومي قبّتي، وقلّة تلفّتي..... قال ذاك أبو سفيان بن حرب قالت: فزوّجه ولا تلق إلقاء السلس، ولا تسمه سَوم الضرس، ثم استخر الله في السماء يخر لك في القضاء(1).
 
والعربي لا يزوّج بناته إلا من الأكفاء، وذلك بعد مشورتهن ،وإذا ما وافقت إحداهن على الزواج من هذا الكفء، رفضت أن يمسّها قبل أن يصلح بين الأحياء المتخاصمة لئلا يقال عنه انه تفرغ لشأن ذاته، فشغل بأمر امرأة عن إصلاح ذات البين، فقد كانت الحرب قائمة بين عبس وذبيان، فأصلح بينهم ، وحمل ديات القتلى وكانت ثلاثة آلاف بعير، وانصرف بأجمل ذكر ، ورجع إلى أهله ، ولم يفته شيء مما كان يستعجله فيهم، هذه قصة هذا المصلح وهو الحارث بن عوف بن أبي حارثة حين خطب بهيسة بنت أوس بن لأم الطائي(2).
 
وقد كانت بعض نساء العرب في الجاهلية ولاسيما من كان أمرها بيدها أن يوافق خاطبها هواها،والصفات التي تراها مثلى في نظرها كالكرم مثلاً ،فقد روى صاحب العقد الفريد أن امرأة من العرب تدعى ماوية ذات جمال وكمال وحسن ومال آلت إلا تتزوج إلا كريماً ، ولئن خطبها لئيم لتجدعن أنفه، فتحاماها الرجال ، فتقدم لخطبتها ثلاثة رؤوس من طيء وهم زيد الخيل وحاتم بن عبد الله ، وأوس بن حارثة ، فارتحلوا إليها " ، فلما دخلوا عليها قالت: مرحباً بكم ما كنتم زوّاراً ، فما الذي جاء بكم؟ قالوا : جئنا زوّاراً وخطاباً، قالت: أكفاء كرام ، فانزلتهم وفرقت بينهم وأسبغت لهم القرى وزادت فيه، فلما كان اليوم الثاني بعثت بعض جواريها متنكرة في زيّ سائلة تتعرض لهم، فدفع لها زيد وأوس شطر ما حمل كل واحد منهما ، فلما صارت إلى حاتم دفع إليها جميع ما حمل، فلما كان في اليوم الثالث دخلوا عليها، فقالت : ليصف كل واحد منكم نفسه في شعره ، فابتدر زيد وأنشأ يقول:
 
هلاّ سألت بني نبهان ما حسبي عند الطعان إذا ما احمرّت الحّدّق
 
وجاءت الخيل محمرّاً بوادرهـا بالماء يسفح عن لبّاتها العَلَــق
 
والخيل تعلم أني كنت فارسهـا يوم الأكسّ به مـن نجـده روق
 
والجار يعلم أني لست خاذلــه إن ناب دهر معظـم الجار معترق
 
هذا الثناء فان ترضى فراضيـه أو تسخطي فإلى من يعطف العّنّق
 
وقال أوس : انك لتعلمين أنا أكرم أحساباً وأشهر أفعالاً من أن نصف أنفسنا لك، أنا الذي يقول فيه الشاعر:
 
إلى أوس بن حارثة بـــن لأم يقضي حاجتي فيمن قضاهـا
 
فما وطئ الحصى مثل ابن سعدي ولا لبس النعال ولا احتذاهـا

الصفحات