أنت هنا

قراءة كتاب المرأة في العصور العباسية دراسة نحوية وأسلوبية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المرأة في العصور العباسية دراسة نحوية وأسلوبية

المرأة في العصور العباسية دراسة نحوية وأسلوبية

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 5
أما الحرائر فكانت الواحدة منهن تقوم بطهو الطعام، ونسج الثياب، وإصلاح الخباء إلا إذا كانت شريفة مخدومة، فان جواريها يقمن مقامها في هذا العمل، على أن كثيراً من بنات الإشراف والسادة تمتعن بمنزلة سامية، لدرجة أنهن كنّ يملكن الحرية في اختيار أزواجهن على ضوء ما مرّ معنا، وقد يتركنهم إذا لم يحسنوا عشرتهن(3) وبلغ من منزلــة بعض الشريفات من نساء العرب أنهن كنّ يجرن ويحمين من يستجير بهنّ، ويرددن للمستجير حريته إذا استشفع بإحداهن ، على نحو ما فعلت فكيهة إلى السليك بن السلكــة حين وقع أسيراً في يد عشيرتها من بني عوار(1)، وكانوا يعدّونها جزءاً من عرضهم، ولم يكن شيء يثير الحمية في نفوسهم أكثر من سبي نسائهم وهم بعيدون عن أحيائهم، فكانوا يركبون الصعاب حتى يلحقوا بالمغيرين، ويستنقذوهن منهم ، ويغسلوا عار سبيهن، وهو عار ما بعده عار(2) ،وقد كانت المرأة العربية تمثّل واحة يفيء إلى روحها العربي، يستظل بظلّها ، ويرتمي في أحضانها ، ويصحبها معه في السلم وفي الحرب، أما في الحرب فكن يشددن من عزائم المحاربين بما ينشدن من اشعار حماسية ، حتى إذا قتل فارس من فرسانهم ندبنه ندباً موجعاً، حاضّات فرسان العشيرة على الأخذ بثأره والانتقام من قبيلة القاتل، والخنساء ومراثيها في أخويها صخر ومعاوية مثال حيّ على ذلك ، تقول الخنساء:
 
هريقي من دموعّك أو أفيقي وصبراً إن أطقت ولم تطيقي
 
وقولي إن خير بني سليــم وفارسهم بصحراء العقيـق
 
واني والبكا من بعد صخـر كسالكة سوى قصد الطريق
 
...........
 
وإذ يتحاكم الســادات طـرّاً إلى أبياتنا وذو والحقــوق
 
وإذ فينا فوارس كلّ هيجــا إذا فزعوا وفتيان الخـروق
 
إذا ما الحرب صلصل ناجذاها وفاجأها الكماة لدى البـروق
 
وإذ فينا معاوية بن صخــر على أدماء كالجمل الفنيــق
 
فبكيّه فقد وليّ حميــــداً أصيل الرأي محمود الصديق(3)
 
وكن يستشطن غضبا إذا رضيت العشيرة بأخذ الديه، حقناً للدماء ، على نحو ما تصوّر ذلك كبشة أخت عمرو بن معدي كرب وقد قتل أخ لها :
 
أرسل عبد الله اذحان يومــه إلى قومه لا تعقلوا لهم دمــي
 
ولا تأخذوا منهم أفالا وأبكـرا وأترك في بيت بصعدة مظلــم
 
ودع عنك عمراً إنّ عمراً سالم وهل بطن عمر غير شبر لمطعم
 
فان أنتــم لم تثأروا واتّديتم فمشّوا بآذان النعام المصلَّــم
 
ولا تردوا إلا فضول نسائكـم إذا ارتملت أعقابهن من الــدم(4)
 
فهي تصوّر أخاها يخاطب قومه وقد قتل بالاّ يأخذوا ديته من قاتليه ، سواء أكانت ديته من صغار الإبل أو من أبكارها ، وان عمراً أخاها الذي كان يعدّ بألف فارس رجل مسالم همّه الأكل ، تريد بذلك إثارته لطلب الثأر من قاتلي أخيه ، وترى أن عشيرتها إن قبلت دية أخيها أعطت عن يد وهي صاغرة صغار الأسرى الذين تجدع آذانهم ، بل صغار النعام المصلّم المقطوعة آذانه . وها هي أم عمرو بنت وقدان تقول في أخ لها قتل وقد فكّرت عشيرتها بأخذ ديته:

الصفحات