أنت هنا

قراءة كتاب المرأة في العصور العباسية دراسة نحوية وأسلوبية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المرأة في العصور العباسية دراسة نحوية وأسلوبية

المرأة في العصور العباسية دراسة نحوية وأسلوبية

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 10
الباب الأول
 
أ- واقع المرأة في صدر الإسلام
 
تبوأت المرأة في ظل الإسلام السمح مكانة اجتماعية راقية، فقد اهتم الإسلام بالمرأة من حيث كونها عرضاً يجب أن يصان،وشرع لها من التشريعات ما يكفل ذلك ويحاسب عليه فالمرأة هي الأم في المجتمع، وهي الأخت، وهي البنت، وهي الزوجة، وهي العمة، وهي الخالة، وهي الطبيبة،وهي الممرضة، وهي المعلمة...وهذا الاهتمام تجلّى في جملة آيات وردت فيها كلمة أم (33) مرة،وكلمة أخت (13) مرة وكلمة بنت (22 )مرة وكلمة زوجة (19) مرة وكلمة النساء(60 ) مرة،ولفظة أنثى (24) مرة ، هذا وقد كفل الإسلام للمرأة حقوقها في الزواج والتملّك والبيع والشراء،والعمل وطلب العلم، ورعاها رعاية تحسد عليها فلها حق التصرف في مالها وفق ما حدّده الشرع،ولها حق البيع والشراء والهبة والوصية وحق الاتجار بمالها ومباشرته، والإشراف عليه.
 
فالإسلام إلى جانب كونه ديناً سماوياً دعا إلى التوحيد والقضاء على الشرك، فإنه إلى جانب ذلك دعا إلى القضاء على التقاليد والعادات الاجتماعية المشينة التي وجدت في المجتمع الجاهلي وارتبطت بعبادة الأوثان والعصبية القبلية، فأرسى بدلاً منها مبادئ اجتماعية وأخلاقية واقتصادية ،وسياسية تصلح لكل زمان ومكان(1)،فحرّر المرأة من قيودها وعبوديتها وجهالتها ،وخصّ النساء بسورة تسمّى "سورة النساء " لتعالج حقوق المرأة وواجباتها وما لها وما عليها في حياتها العائلية والزوجية والاجتماعية والاقتصادية، وقد تفاعلت المرأة مع الدعوة الإسلامية ، وقامت بدور فاعل فائق الأهمية ، فالسيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها آمنت برسول الله صلى الله عليه وسلم كأول امرأة آمنت به إذ كفر به الناس،وصدّقته إذ كذّبه الناس، وأعطته ما لها إذ حرمه الناس ،ووقفت إلى جانبه في تحمل مسؤوليات الدعوة بتشجيعها له،ووفرت له كلّ ما يحتاج كزوج وربّ أسرة ونبيّ مرسل، وقاسمته أصعب الأيام وِأشدّها في أثناء مقاطعة قريش لبني هاشم، وكان إلى جانب السيدة خديجة رضي الله عنها نساء أخريات قمن بأدوار هامة في تاريخ الدعوة الإسلامية،وقدّمن أنفسهن على مذبح التضحية والشهادة والفداء كسميّة أم عمار بن ياسر ، التي ضربت المثل الأروع في الشهادة في سبيل المبدأ والعقيدة، وعّذبت حتى الموت... وكانت تضحيتها المثل الأعلى لحضور النساء الفاعل في الإسلام، ومساهمتهن في التغيّر والتغيير الحاسمين الذين غيرّا وجه الجزيرة العربية آنذاك ،كما كان للسيدة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حضور واضح في الدعوة إلى الإسلام قبل الهجرة إلى المدينة المنورة فقد كانت تزيح الأذى عن رسول الله وتردّ على المشركين ، كما شاركت المرأة المسلمة زوجها في تحملّ مشقّات الهجرة إلى الحبشة فراراً بدينها ، كسهلة بنت سهيل بن عمرو، ورقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأم سلمة وليلى بنت حثمة، وأسماء بنت عميس، وفاطمة بنت صفوان، وأمينة بنت خلف، وحبيبة بنت أبي سفيان،وبركة بنت يسار وأم حرملة، ورملة بنت أبي سفيان، وريطة بنت الحارث ، وعائشة بنت الحارث وفاطمة بنت الحارث ،وفكيهة بنت يسار وحسنة زوجة سفيان بن معمر(1)وإذا كانت بيعة العقبة الثانية من الأهمية بمكان في مستقبل الدعوة الإسلامية، فقد بايع من النساء أم عمارة نسيبة بنت كعب المازنية ،وأم منيع أسماء بنت عمرو من بني سلمة.
 
وبرزت شخصية المرأة المسلمة في العهد النبوي الشريف والراشدي في مجال الدعوى الإسلامية ،فقد أسهمت فيها المرأة ،وشاركت بإيمان واندفاع فيها ، فتلألأت فيها أم عمارة- رضي الله عنها – الصحابية الأنصارية ، التي عد من أبطال المعارك، فقد شهدت بيعة العقبة واحداً، والحديبية، وحنيناً، وسمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم الأحاديث وكانت تخرج إلى القتال ، فتسقي الجرحى ،وتقاتل،وأبلت يوم احد بلاء حسناً ، وجرحت اثنى عشر جرحاً ما بين طعنة رمح، وضربة سيف ،وكانت ممّن ثبت مع رسول الله حين تراجع الناس ،وقد رؤيت ذلك اليوم تقاتل اشد القتال وأمّها معها تعصب جراحها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حدّث عن يوم أحد وذكر أم عمارة يقول : ما التفت يميناً ولا شمالاً إلا رأيتها تقاتل دوني، وحضرت حرب اليمامة، وقاتلت قتال الأبطال ، وجرحت فانصرفت إلى المدينة ، تداوي جراحها ، وكان أبو بكر – رضي الله عنه – وهو خليفة يعودها ويسأل عنها(2)،كما شاركت أم منيع أسماء بنت عمرو بن عدي في معركة اليمامة أيضا (3) كما شاركت أم عطية الأنصارية في سبع غزوات بمعية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تخلف الغزاة في رحالهم ،وتصنع لهم الطعام وتداوي الجرحى، وتقوم على الزمني وتحمل المتاع وتنقل الماء وتسقي المجاهدين، كما لمع اسم الصحابية الربيّع بنت معوّذ في الجهاد والغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.وفي العهد النبوي أيضا كانت المرأة المسلمة تتمثل الحديث النبوي الشريف : المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم،وهم يدٌ على من سواهم، وذلك حين أجارت زينب بنت رسول الله زوجها المشرك الذي استجار بها حين أسره المسلمون وصادروا ماله وهو عائد من تجارته، فآجرته زينب ورضي رسول الله وجماعة المسلمين بهذه الإجارة تحقيقاً لقوله تعالى: { وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم ابلغه مأمنة }{ سورة التوبة 6} كما مارست المسلمة حقها في الاعتراض على الزوج إذا لم يكن لها كفؤاً ، على نحو ما فعلت الجارية التي جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحكت له قصة زواجها ممن تكرهه ،لأن أباها أراد أن يرفع بهذا الزواج خسيسة ، فخيّرها الرسول بين إنفاذ الزواج أو تعطيله، فانفذته بعد أن تأكدت من انه يحقّ لها الاعتراض على الزوج وعدم القبول به ولو وافق عليه وليّها، والمرأة المسلمة ما كانت ولم تكن لتأنف من خدمة زوجها ورعاية دوّابه والقيام على شؤون بيتها من حمل المتاع ،ونقل الماء ،وطحن الحبّ ،وهي راضية محتسبة وأسماء ذات النطاقين أنموذج لربة البيت المسلمة ، وقد حملت المرأة المسلمة رسالة الإسلام والتزمت بتكاليفها ، ولو عارضها أهلوها وحاولوا ثنيها عن دينها، أو منعها من الهجرة من مكة إلى المدينة، فكانت تفرّ بدينها من أهلها إن لم يكن لها زوج، أو كان لها زوج تتركه وتلحق بركب رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنوّرة ،فيستقبلها رسول الله وصحبه بكل حفاوة وتقدير وإكرام ، ويردّون عنها من أتى في طلبها ، كما كان العلم مشرع الأبواب للرجال والنساء ممن تلمذوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فسبيعه بنت الحرث الاسلمية تلمذت للرسول وروت عنه اثنى عشر حديثاً، وروى عنها فقهاء المدينة والكوفة من التابعين(1)، وهذه لبابة الكبرى بنت الحارث الهلالية الشهيرة بأم الفضل زوجة العباس بن عبد المطلب ،والتي كانت من نبيلات النساء ومنجباتهن ، روت ثلاثين حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،ولبابة هذه هي التي غارت على دينها فضربت أبا لهب بعمود فشجّته حين رأته يضرب أبا رافع مولى رسول الله بسب إسلامه(2)، وهذه أم سلمة هند بنت سهيل الذي يكنّى بأبي أميّة ويعرف بزاد الركب، هذه المرأة تزوجّها الرسول صلى الله عليه وسلم في السنة الرابعة للهجرة ، وكانت من أكمل النساء عقلاً وخلقاً، وأسلمت في مستهلّ الدعوة الإسلامية ، وهاجرت مع زوجها أبي سلمة إلى الحبشة، ورجعت إلى المدينة ومات أبو سلمة ،فخطبها أبو بكر رضي الله عنه ، فاعتذرت ،وخطبها رسول الله فقالت: مثلي لا يصلح للزواج، فاني تجاوزت السن، فلا يولد لي ، وأنا امرأة غيور، فقال لها الرسول: أما السنّ فانا اكبر منك، وأما الغيرة فيّذهبها الله ، وأما العيال فالى الله ورسوله وتزوجها ، وكان لها يوم الحديبية رأي سديد أشارت به على النبي صلى الله عليه وسلم فاخذ به ،ودلّ رأيها على وفور عقلها(1)،وهذه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، صحابية قرشية وأم الخليفة معاوية بن أبي سفيان ، كانت صاحبة رأي وحزم، ونفس أبيه رثت قتلى بدر ، ومثّلت مع نسوة معها بقتلى المسلمين في أحد، وكانت ممن أهدر الرسول دماءهم ، وأمر بقتلهم يوم فتح مكة، ثم جاءت وأعلنت إسلامها ، وشهدت اليرموك وحرّضت على قتال الروم(2).

الصفحات