أنت هنا

قراءة كتاب تتكسر لغتي.. أنمو

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
تتكسر لغتي.. أنمو

تتكسر لغتي.. أنمو

في هذا الكتاب قراءة لهذه اللغة الشعرية وذلك على ضوء شواهد تم اختيارها لإظهار أسلوب الشاعرة "نجمة إدريس" وبالتالي يحتوي هذا الكتاب على جزئين الجزء الأول دراسة للسيرة الشعرية لنجمة إدريس والثاني عبارة عن نماذج مختارة ونصوص لأجمل ما دونت الشاعرة.

تقييمك:
1
Average: 1 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 8
هذا الميل إلى التجويد ما كان يتعارض على الإطلاق مع النوايا التجديدية، والرغبة في تجريب الأدوات الفنية الحديثة، ويأتي على رأسها مسألة الشكل في النص الشعري· صحيح أن مرحلة الصبا تبقى مرحلة تدريب واستنساخ للشكل العمودي في نصوص بدائية لا ترى النور عادة ، ولكنها تبقى تمريناً ضرورياً لتذوّق الموسيقى الشعرية، والتعرّف على جِرْسها وامتداداتها وأصولها العروضية· لذلك ما كان ضرورياً في نظري، بعد فترة التدريب، أن أتلكأ عند مشهد لم يعد يمتلك الحضور، فالزمن الإبداعي من حولنا يجري بسرعة مذهلة، وما عاد ينتظر المتلكئين· كما أن أواخر سبعينات القرن العشرين وأوائل ثمانيناته لم تعد تحتمل المزيد من المناورة حول الشعر العمودي! صحيح أنه حتى نهاية السبعينات كان المشهد المحلي يراوح ويتردد إزاء نص شعر التفعيلة، إلاّ أن جيلنا الطالع حينئذ ما كان جيل شعر عمودي، وما كان من المستساغ ارتداء جبة ومسوح لا تتناسب وقاماتنا·
 
ومن هنا جاءت أصواتنا خلال الفترة سالفة الذكر لتلوّن المشهد الرصين، ولتتخذ من شعر التفعيلة ملاذاً وبيتاً· كنتُ وباقة من الوجوه ممن قدّمتهم منصة رابطة الأدباء كجنة القريني وفيصل السعد وسليمان الفليّح نصرُّ على تقديم نصوصنا التفعيلية في كل المناسبات تقريباً، مما ساعد في ضخّ دماء جديدة، وساهم في تلوين المشهد الشعري المحلي، وإخراجه من نمطيته وسكونيته· وربما لا نستطيع أن ننكر في هذا المقام، تأثير أصوات شعرية رائدة كانت قد سبقتنا في التأسيس للشعر التفعيلي على الساحة المحلية كأحمد العدواني ومحمد الفايز وعلي السبتي، ثم لحقهم بعد لأي خليفة الوقيان·
 
ولكن - ومن سوء الحظ - أن هذا الانطلاق نحو التجديد لم يواكبه تقييم جاد أو مناورات نقدية حول قيمته أو انتفائها· فقد شهدت الساحة الأدبية لوناً من الانحسار في هذا النشاط خاصة، واقتصر الأمر في نهاية المطاف على تعليقات مبتسرة، وتقارير محايدة تتداولها الصفحات الثقافية في الصحف السيّارة· ولعل الأسف لايأتي من عدم وجود تلك النشاطات النقدية على الإطلاق، وإنما يأتي في المقام الأول من الشعور بانحسارها وتقلّصها اللافت بعد فترة مدّ وخصوبة ! ولعل المتابع للمشهد الأدبي المحلي في أواخر ستينات وأوائل سبعينات القرن سيلاحظ أن تلك الفترة شهدت عناية فائقة، وحسّاً نقدياً لافتاً إزاء ما يستجدّ من نصوص إبداعية، سواءً في الشعر أو القصة· وتحضرني في هذا المقام ما لاقته نصوص مثل الصوت الخافت لسليمان الشطي وهدامة لسليمان الخليفي والمبحرون مع الرياح لخليفة الوقيان، وغيرها من النصوص المسرحية الطليعية لصقر الرشود وعبدالعزيز السريّع، من مداولات نقدية ومقالات تقييمية ثرية حتى قبل نشرها في كتب ومجموعات· لا ريب أن ظلال التجريب والدربة كانت ترين على جيلنا الطالع حينذاك، ولكني أعتقد جازمة بأنه لو تهيأت لنا فرص التقييم والتوجيه الجاد، لربما استطعنا حرق مراحل نضجنا بسرعة أكبر وأداء أفضل· صحيح أن الناقد لا يصنع الشاعر، ولا يمنحه الموهبة، ولكنه بالتأكيد يعينه على التعرّف على موقعه، وتلمّس موضع أقدامه في تلك المرحلة الضبابية المبكرة، ويضخّ فيه إحساسأ مضاعفاً بالمسؤولية، وينمّي فيه النزوع نحو تجويد أدواته وصقل ذاته·

الصفحات