أنت هنا

قراءة كتاب الفنون التشكيلية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الفنون التشكيلية

الفنون التشكيلية

إذا انتشر الظلام وتلاشى الجمال والفن بين ثناياه المدلهمة تحوّل الكون إلى عدمية محزنة. وإلى كآبة تامة، يلفّها ضباب الضجر.
وهل يمكن العيش هناك بين تلك الثنايا والبشاعة.
لولا الجمال والحب والفن ولولا الصورة والتعبير.

تقييمك:
4.6
Average: 4.6 (5 votes)
الصفحة رقم: 9
ثانياً: مميزات الجمال
 
إذا سلمنا جدلاً أن شيئاً معيناً يحمل مميزات جمالية قادرة على التأثير بشكل واضح، فهذا لا يعني أن تأثيرها يجب أن يطال كل العالم، وأن يكون الاعتراف بوجود هذا الجمال حتمية لا مفر منها. إذ يستحيل على أي وسيلة علمية الاقتناع بوجود الجمال، أو فرض الاعتراف بوجوده. فكم من الأعمال الفنية التي تذهل بعض الناس بجمالها وتسحرهم، هي في الوقت نفسه موضع لا مبالاة وعدم اهتمام عند أناس آخرين؟ هذا مع الإشارة إلى أنه ليس للثقافة أو الاطلاع أي دور في هذا الموضوع. إذ أن مما لا شك فيه أن الفئات الاجتماعية المختلفة هي ذات نظرات مختلفة للجمال. ويمكننا أن نعطي مثالاً على ذلك فرنسا حيث طبع كتاب «هيلويز الجديدة» لجان - جاك روسو ما لا يقل عن 80 طبعة بين عامي 1761 و1780 (أي ما يعادل 700-800 طبعة في الفترة الحالية). وفي العصر نفسه، عرف كتاب «كانديد» لفولتير نجاحاً كبيراً، وطبع أكثر من 50 مرة بين عامي 1759 و1780، وهذا ما يظهر تنوع جماهير الثقافة والفن، العائد إلى تنوع الطبقات والميول. وفي العصر الحديث، يمكننا أن نؤكد أن دراسة عميقة تسمع بالملاحظة أن هناك رسامين ينالون التقدير نفسه مهما كانت الطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها الشخص الذي يتأمل إنتاجهم، مثل فان كوخ/غوغان، مونيه، بوفيه، ورسامين يرتفع مستوى الإعجاب بهم كلما ارتفع المستوى الاجتماعي الذي ينتمي إليه الجمهور، وهم ديغا، سيسلي، موديلياني، ورسامين مثل رينوار وسيزان، وبضعة رسامين يبدو أنهم يجيبون على متطلبات الطبقة المتوسطة مثل أوتوريو ودي تولوز لوتريك.
 
إن كان الجمال نسبياً، فإن ذلك لا يجب أن يعني بالضرورة أن تاريخ الفن عبارة عن تسلسل صدف، ولا يجب أن يثني المحاولات الهادفة إلى استخلاص قوانين من تاريخ الفن.
 
الفن يحوي، بالإضافة إلى نقطته المركزية، وهي الجمال، أموراً أخرى. فالجمال متوفر في الطبيعة وبأشكال غير فنية. من منا لم يعلق مرة في حياته (كي لا نقول مرة كل يوم) على وجه جميل، أو جسد إنساني جميل، أو زهرة جميلة، أو منظر طبيعي جميل.. الخ. الفن هو جمال اصطناعي. وعدم اكتفاء الإنسان بالجمال الطبيعي، ولجوئه منذ ولادته وحتى اليوم، ومن دون انقطاع إلى إنتاج جمال اصطناعي، يؤكد على أن هذا الجمال الاصطناعي يجيب على حاجة معينة، وبالتالي فإن له «قيمة» عالية لدى الإنسان لإشباع رغباته وميوله.

الصفحات