أنت هنا

قراءة كتاب الإعلام وهوية الأمة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الإعلام وهوية الأمة

الإعلام وهوية الأمة

عل أحداً في عصرنا لا يجادل في أثر الإعلام وأهميته، على الفرج وعلى الأسرة وعلى المجتمع. ويوماً بعد يوم يتعزز هذا الأثر مع انتشار وسئل الإعلام وتنوعها. حيث لم يعد أحد ينجو من أثرها المباشر وغير المباشر.

تقييمك:
4
Average: 4 (15 votes)
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 2

نشأة الإعلام الإسلامي

ارتبطت نشأة الإعلام بنشأة التجمعات البشرية، حيث يكون أفرادها في حاجة إلى الاتصال فيما بينهم؛ لتستقيم حياتهم، ويتسنى لهم التعايش معاً، وكان أول شكل من أشكال الإعلام إعلام الملائكة بأسمائهم من قبّل أدم (عليه السلام)، قال تعالى: ( قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ ۖ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) [البقرة:33].
وعندما هبط آدم (عليه السلام) إلى الأرض، وتكاثرت ذريته توالت أشكال الاتصال البشري، وتنوعت ما بين اتصال فردي شخصي، واتصال جماعي بالكلمة المنطوقة، ثم الكلمة المقروءة.
وقد ارتبطت بدايات الإعلام الإسلامي بمراحل الدعوة الإسلامية في شبه الجزيرة العربية، وتمثلت تلك البداية في الاتصال الفردي (مرحلة الدعوة الفردية) حيث كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يدعو سراً من يتوسم فيه الخير وقبول دعوة الحق، وكذلك فعل أبو بكر الصديق (رضي الله عنه)، وفعل غيره من الصحابة الأبرار الأطهار، حتى دخل عدد من أهل مكة في دين الله سراً، ولكي يتعلموا أمر هذا الدين الجديد، ويقفوا على معالمه وتكليفاته، ويعرفوا واجباتهم حيال إسلامهم، كان الاتصال الجمعي السري في دار الأرقم ابن أبي الأرقم (مرحلة الدعوة السرية)، وعندما تربى هؤلاء الصحابة التربية الصحيحة في دار الأرقم على يد رسول الله (ص)، وفهموا إسلامهم حق الفهم، وأصبحوا مهيئين لتحمل العقبات في سبيل نشر دعوة الإسلام، ومواجهة الباطل المتغطرس، عند ذلك نزل الأمر الإلهي (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ﴿٩٤﴾إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ﴿٩٥﴾) [الحِجر:94- 95]، فكانت مرحة الاتصال الجمعي العلني (مرحلة الدعوة الجهرية)، وكانت كل مرحلة من مراحل الدعوة الإسلامية تحتاج إلى ما يناسبها من طرق التبليع والإعلام، ما بين أحاديث فردية ووعظية، وحوارات، وعرض على القبائل، ومحاضرات، وخطب، وأشعار، وبيانات، وتدريب عملي.
وكانت موضوعات الإعلام الإسلامي في تلك الفترة منصبة على دعوة الناس إلى التوحيد الخالص، وإفراد الله بالعبودية، وترغيب الناس في الإسلام، وبيان فضائله ومبادئه، وشرح تعاليمه لمن اتبعوه، وبيان ما يعتور الجاهلية من رذائل وعادات قبيحة تأباها الفطر السليمة النقية، وترفضها العقول النابهة، وإظهار عجز الآلهة التي يعبدها كفار مكة عن أن تضر أو تنفع.
واتسع نطاق الدعوة إعلامياً حيث لم يكتف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بدعوة من حوله من قبيلة قريش، وإنما تجاوز أهل مكة، وانطلق بدعوته إلى الطائف، وعرض دعوته على من أتى لزيارة مكة حاجاً أو قاصداً أسواقها، وتجاوز الأمر ذلك إلى إرسال الرسل والمبعوثين إلى البقاعالمختلفةكما فعل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عندما بعث أول سفير في الإسلام مصعب بن عمير (رضي الله عنه) إلى المدينة قبل الهجرة، كما أرسل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عدداً من المسلمين إلى الحبشة هرباً من أذى مشركي مكة، فقاموا بالدعوة إلى الإسلام وروجوا له إعلامياً.
وكان كل حدث تمر به الدعوة الإسلامية يعقبه نزول آيات القرآن الكريم مبينة له وشارحة لما يتعلق به، ويتبعه من تساؤلات واستفسارات، بل وتشكيكات من قِبَل المنافقين والمشركين؛ مما يتيح له انتشاراً إعلامياً أوسع، حيث تلوكه الألسنة، وتتناقله من مكان إلى آخر، فيصدق فيه قول الشاعر العربي:
وإذا أراد الله نشرَ فضيلة
طويت أتاح لها لسانَ حسود
لولا اشتعال النار فيما جاورت
ما كان يُعرف طيبُ عَرف العود
وبعد إقامة الدولة الإسلامية في المدينة المنورة اتسعت الوسائل الإعلامية، ابتداءً من الأذان وخطب الجمعة والمناسبات ومواسم الحج إلى الوفود والرسائل إلى الملوك، ومع مرور الزمن واتساع رقعة الدولة الإسلامية في العصور الزاهية للإسلام، تطور الإعلام الإسلامي أكثر وأكثر؛ ليتمكن من مواكبة التغيرات السريعة والمتعاقبة الحادثة للدولة الإسلامية، وليقوم بدوره في توطيد أركان الخلافة الإسلامية المترامية الأطراف.

الصفحات