أنت هنا

قراءة كتاب جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم

جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم

كتاب "جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم"، لِلْحَافِظِ ابْنِ رَجَبٍ الحَنْبَلِيِّ مُحَلَّى بِأَحْكَامِ الشَّيْخِ الأَلْبَانِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إِعْدَاد وَتَخْرِيج حازم خنفر، ويقول الأخير

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 4

الحديث الأول

عَنْ عُمَرَ _ رَضِيَ الله عَنْهُ _ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ الله ﷺ يَقُولُ : «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئ مَا نَوَى ، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى الله وَرَسُولِهِ ؛ فَهِجْرَتُهُ إِلَى الله وَرَسُولِهِ ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا ، أَوِ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا ؛ فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ»[رواه البخاري (1) ومسلم (1907)] رواه البخاري ، ومسلم .
هذا الحديث تفرد بروايته يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن محمد بن إبراهيم التيمي ، عن علقمة بن وقاص الليثي ، عن عمر بن الخطاب _ رضي الله عنه _ ، وليس له طريق يصح غير هذا الطريق ، كذا قال علي بن المديني وغيره ، وقال الخطابي : لا أعلم خلافاً بين أهل الحديث في ذلك ، مع أنه قد روي من حديث أبي سعيد وغيره ، وقد قيل : إنه قد روي من طرق كثيرة ، لكن لا يصح من ذلك شيء عند الحفاظ .
ثم رواه عن الأنصاري الخلق الكثير ، والجم الغفير ، فقيل : رواه عنه أكثر من مئتي راو ، وقيل : رواه عنه سبع مئة راو ، ومن أعيانهم : مالك ، والثوري ، والأوزاعي ، وابن المبارك ، والليث بن سعد ، وحماد بن زيد ، وشعبة ، وابن عيينة _ وغيرهم _ .
واتفق العلماء على صحته وتلقيه بالقبول ، وبه صدر البخاري كتابه «الصحيح» ، وأقامه مقام الخطبة له ؛ إشارةً منه إلى أن كل عمل لا يراد به وجه الله ؛ فهو باطل لا ثمرة له في الدنيا ولا في الآخرة .
ولهذا قال عبد الرحمن بن مهدي : لو صنفت الأبواب ؛ لجعلت حديث عمر بن الخطاب في الأعمال بالنية في كل باب .
وعنه أنه قال : من أراد أن يصنف كتاباً ؛ فليبدأ بحديث : «الأعمال بالنيات» .
وهذا الحديث أحد الأحاديث التي يدور الدين عليها ، فروي عن الشافعي أنه قال : هذا الحديث ثلث العلم ، ويدخل في سبعين باباً من الفقه .
وعن الإمام أحمد _ رضي الله عنه _ ، قال : أصول الإسلام على ثلاثة أحاديث : حديث عمر : «الأعمال بالنيات» ، وحديث عائشة : «من أحدث في أمرنا ما ليس منه ؛ فهو رد»[رواه البخاري (2697) ، ومسلم (1718)]، وحديث النعمان بن بشير : «الحلال بين والحرام بين»[رواه البخاري (52) ، ومسلم (1599)] .
وقال الحاكم : حدثونا عن عبد الله بن أحمد ، عن أبيه ، أنه ذكر قوله _ عليه الصلاة والسلام _ : «الأعمال بالنيات» ، وقوله : «إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوماً» ، وقوله : «من أحدث في ديننا ما ليس منه ؛ فهو رد» ، فقال : ينبغي أن يبدأ بهذه الأحاديث في كل تصنيف ؛ فإنها أصول الحديث .
وعن إسحاق بن راهويه ، قال : (أربعة أحاديث هي من أصول الدين : حديث عمر : «إنما الأعمال بالنيات» ، وحديث : «الحلال بين والحرام بين» ، وحديث : «إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه» ، وحديث : «من صنع في أمرنا ما ليس منه ؛ فهو رد») .
وروى عثمان بن سعيد ، عن أبي عبيد ، قال : جمع النبي ﷺ جميع أمر الآخرة في كلمة : «من أحدث في أمرنا ما ليس منه ؛ فهو رد» ، وجمع أمر الدنيا كله في كلمة : «إنما الأعمال بالنيات» يدخلان في كل باب .
وعن أبي داود ، قال : نظرت في الحديث المسند ، فإذا هو أربعة آلاف حديث ، ثم نظرت ، فإذا مدار الأربعة آلاف حديث على أربعة أحاديث : حديث النعمان بن بشير : «الحلال بين والحرام بين» ، وحديث عمر : «إنما الأعمال بالنيات» ، وحديث أبي هريرة : «إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً ، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين...» _ الحديث _ ، وحديث : «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» ، قال : فكل حديث من هذه ربع العلم .
وعن أبي داود _ رضي الله عنه _ أيضاً ، قال : كتبت عن رسول الله ﷺ خمس مئة ألف حديث انتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب _ يعني كتاب «السنن»_ ، جمعت فيه أربعة آلاف وثمان مئة حديث ، ويكفي الإنسان من ذلك لدينه أربعة أحاديث : أحدهما : قوله ﷺ : «الأعمال بالنيات» ، والثاني : قوله ﷺ : «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» ، والثالث : قوله صلى الله عليه سلم : «لا يكون المؤمن مؤمناً حتى لا يرضى لأخيه إلا ما يرضى لنفسه» ، والرابع : قوله صلى الله عليه سلم : «الحلال بين والحرام بين» .
وفي رواية أخرى عنه أنه قال : الفقه يدور على خمسة أحاديث : «الحلال بين والحرام بين» ، وقوله ﷺ : «لا ضرر ولا ضرار» ، وقوله : «الأعمال بالنيات» ، وقوله : «الدين النصيحة» ، وقوله : «ما نهيتكم عنه ؛ فاجتنبوه ، وما أمرتكم به ؛ فائتوا منه ما استطعتم» .
وفي رواية عنه ، قال : أصول السنن في كل فن أربعة أحاديث : حديث عمر : «الأعمال بالنيات» ، وحديث : «الحلال بين والحرام بين» ، وحديث : «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» ، وحديث : «ازهد في الدنيا ؛ يحبك الله ، وازهد فيما في أيدي الناس ؛ يحبك الناس» .
وللحافظ أبي الحسن طاهر بن مفوز المعافري الأندلسي :
عمـدة الدين عنـدنا كلــمات أربع من كلام خير البرية
اتق الشبهات وازهد ودع مـا ليس يعنيك واعملن بنية
فقوله ﷺ : «إنما الأعمال بالنيات» ، وفي رواية : «الأعمال بالنيات» ، وكلاهما يقتضي الحصر على الصحيح ، وليس غرضنا هاهنا توجيه ذلك ، ولا بسط القول فيه .
وقد اختلفوا في تقدير قوله : «الأعمال بالنيات» ، فكثير من المتأخرين يزعم أن تقديره : (الأعمال صحيحة أو معتبرة أو مقبولة بالنيات) .

الصفحات