أنت هنا

قراءة كتاب موسوعة الفرق والجماعات والمذاهب والأحزاب والحركات الإسلامية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
موسوعة الفرق والجماعات والمذاهب والأحزاب والحركات الإسلامية

موسوعة الفرق والجماعات والمذاهب والأحزاب والحركات الإسلامية

كتاب " موسوعة الفرق والجماعات والمذاهب والأحزاب والحركات الإسلامية " ، تأليف د. عبد المنعم الحنفي ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي عام 2005 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: مكتبة مدبولي
الصفحة رقم: 6

وإن المرء ليحار: لِمَ كان هذا الحديث ، بأن : على رأس كل قرن لابد من ظهور المجدّد؟ وربما كان ذلك مرجعه أن الاجتهاد لا يمكن أن يقوم بحاجات المجتمع المدنى لأكثر من مائة سنة ، وبعدها تظهر الحاجة لاجتهاد جديد ؟ وربما كان ذلك صوابًا فى زمن المتقدّمين لا فى زمن المتأخرين ، فقد صار الزمن غير الزمن ، والحاجات غير الحاجات . وعند المتقدمين كانت المتغيرات بطيئة ، والمستحدثات قليلة ، وأما الآن فإيقاع الحياة أسرع ، ودورة التاريخ أقصر . وصارت البدَع إذا تمكنت تنتظم أكبر مجموعة من السكان ، وقد تشمل العالم بأسره ، بتأثير ثورتى المعلومات والاتصالات، وما يسمى الآن بالعوْلمة أو الكونية .

ولربما يظهر المجدّد فى أفغانستان فيكون لـه مردوده الفقهى ، والإيديولوجى ، والثقافى ، والاجتماعى ، والسياسى ، فى بقية بلدان العالم الإسلامى وغير الإسلامى .

ولنضرب مثلاً بجماعة الجهاد اليوم: ففكر هذه الجماعة أصّله ابن تيمية «الشامى»، وبنى عليه أبو الأعلى المودودى «الهندى» ، وطبّقه محمد بن عبد الوهاب «الحجازى» ، وأخذ به حسن الترابى «السودانى» ، وعمر عبد الرحمن «المصرى» ، وانتشر فى ماليزيا ، وإندونيسيا ، وفى الصين ، وجنوب شرق آسيا ، وفى أفريقيا ، وأوروبا ، والأمريكتين! والعوْلمة إذا كانت من مفاهيم ومصطلحات علم السياسة المعاصر ، فهى أيضًا من الثوابت الفكرية والمقولات الأصولية للفكر الإسلامى الحديث . ولا يعنى مصطلح النهضة أو البعث الإسلامى إلا أن الإسلام تتطوّر فكرته عند الناس بتطوّر الحياة ، وترتقى بارتقائها ، وتُستحدث لـه المصطلحات الجديدة لتواكب مسيرة الحياة ، وهو ما ينشده الإسلاميون اليوم من مطالبتهم بفتح باب الاجتهاد ، ومن تأسيسهم للأحزاب والتنظيمات والحركات المعاصرة . ولقد كان الفكر الإسلامى السياسى القديم يناسبه مصطلح الفِرَق ، وما يناسبه الآن هو هذه الألفاظ الجديدة على قاموس المصطلح السياسى الإسلامى .

ولا ينبغى أن تقلقنا كثرة المصطلحات ، أو أن نستشعر الخزى من كثرة الفِرَق، فهذه ظواهر صحة كما هى ظاهرة مرض . والقضية ونقيضها منطق الجدل ، وهو المنطق الغالب فى الإسلام . وقضية الأنا والآخر ، أو الرأى والرأى المعارض ، من القضايا التى واكب ظهورها بزوغ الإسلام وانتشاره . ووجود الفرق الإسلامية بهذا العدد دليل الحرية الفكرية . وبالطبع كان هناك الشهداء فى مجال الفكر ، وقُتل كثيرون، وحُرِق وصُلب كثيرون ، وإنما تسنّى لى أن أراجع من اسشهد عبر التاريخ الإسلامى ، وفى مختلف بلاد الإسلام ، من أصحاب الرأى ، بحسب ما أوردته المراجع العلمية ، فلم يزيدوا على: 233 فردًا ، فى حين بلغ من أحصتهم المراجع التاريخية الأوروبية من شهداء الفكر فى النصرانية: 3486 فردًا !! ولم يحدث أن طال الإسلام النصارى ولا اليهود بالأذى ، مثلما طال اليهود فى النصرانية . والمتأمل لما يحدث الآن على الخريطة السياسية، يذهل مما يفعله النصارى واليهود بالمسلمين فى العالم كله ، فحيثما كان هناك مسلمون أضرمت المخابرات الأمريكية والإسرائيلية والفرنسية والروسية والبريطانية والألمانية بينهم نيران الفتنة ، وألّبت الكنيسة بمختلف مذاهبها العالم على المسلمين حتى فى مصر ، وصرنا نعانى من فتن الكنيسة فى مصر ولبنان وأمريكا إلخ ، مثلما نعانى من اليهود والرأسمالية الأوروبية والإمبريالية الأمريكية ، وليست هناك اضطرابات فى العالم إلا فى أراضى المسلمين : فى الصومال، والسنغال، ونيجيريا، والسودان، وإريتيريا، وموريتانيا ، والمغرب، وتونس ، والجزائر ، وليبيا ، ومصر ، وفلسطين، والعراق ، وتركيا ، وإيران ، وأفغانستان ، والهند ، وطبرستان ، وتركمستان ، وأذربيجان ، وشمال الصين، ونيبال، وماليزيا ، وإندونيسيا، والفلبين إلخ ، وحيثما كانت تجمعات إسلامية فى ألمانيا ، وفرنسا ، والنمسا ، وبريطانيا ، والبوسنة ، وألبانيا، وقبرص ، والأمريكتين . وجاء فى تقارير المعاهد الاستراتيجية ، أن حجم الأموال التى رصدتها المخابرات فى العالم كله لاستحداث الشقاق بين المسلمين بلغ إجمالاً 87 مليارًا من الدولارات ! تذهب معظمها على تزويد الجماعات المنشقّة بالسلاح . وطبّقوا على المسلمين طريقة فتَنَمة الحرب ، أى أن يضرب المسلمون المسلمين، كما فى أفغانستان، ولبنان ، والعراق ، والسودان ، وموّلوا المعارضين للتوجهات الإسلامية بأكبر الميزانيات ، ويضغطون على الحكومات فى بلاد الإسلام ، ليلغوا الدين من مناهج التعليم ، ويمنعوا طبع القرآن ، ويحظروا أى نشاط إسلامى ، ويغلقوا المساجد فى غير أوقات الصلاة ، ولا يسمحوا إلا بخطباء السلطة، ويروّجوا لتقليل عدد المسلمين باسم تنظيم الأسرة !! فى الوقت الذى يؤذن فيه للنصارى بأى نشاط ، وتُفتح كنائسهم أربعًا وعشـرين ساعة ، ويخطب قساوستهم فيهم أن لا يشتروا من المسلمين، وأن لا يساكنوهم، وأن لا يستخدموهم فى متاجرهم ومصانعهم، وأن لا يبيعوا لهم ولا يستأجروا منهم، وأن ينتهزوا فرصة حظر الزواج والإنجاب على المسلمين فينجبوا أكثر لتكون لهم الغلبة العددية!

ومع كل ذلك لم يفتّ فى عضُد المسلمين ، وكَثُرت الفِرَق والجماعات ، وخرج المسلمون على الظلم أنّى كان . وظاهرة الفرق لذلك - كما قلنا - هى دليل صحة كما هى دليل مرض . وديننا هو دين الجهاد ، وهو الدين المبشّر بالأمل ، فغدًا يكون أكثر إشراقًا ، والتاريخ فى صالح المسلمين ، ومستقبل الإسلام مع الرأى والرأى الآخر ، ومع التسامح . ولن ينتشر الإسلام ويتدعّم إلا فى مناخ الحرية ، ومناخ الحرية هو الذى يضمن الازدهار الواعد للإسلام . وكل تقدّم علمى يواكبه انتشار الإسلام ، وليس من سبيل لنشر الفكرة الإسلامية إلا بالهجرة ، وإنشاء جماعات إسلامية فى كل بقعة على الأرض . وسبيل الإسلام للسيادة هو الأخذ بالعلمية فى التفسير ، ومحاربة الأمية، ونحن أمة قراءة ، وكتابنا يسمى القرآن ، ومن أركان الإسلام قراءة القرآن ، والله تعالى يقول :  فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ  (المزمل 20)، وكانت أول سور القرآن  اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ  (العلق 1) ، فمن لم يعرف القراءة انتقص دينه ، وجهل الإسلام. ويا حبذا لو كان المسلمون على ما ينبغى لهم ، ليكونوا على مستوى القرآن، فهمًا ودراية ، وبلاغًا ورسالة .

وليس هذا الكتاب إلا محاولة للتوعية . وفكرة الإسلام هى أن نتصوّره تصورًا موافقًا للقرآن . والقرآن هو الحقّ الموضوعى ، أو الحقّ بوصفه الحقّ . والوجود الإسلامى يبلغ معنى الحقّ حينما تكون فكرة الإسلام هى الوحدة بين التصوُّر والواقع، وتصبح الفكرة هى الوجود.

الصفحات