أنت هنا

قراءة كتاب موسوعة الفرق والجماعات والمذاهب والأحزاب والحركات الإسلامية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
موسوعة الفرق والجماعات والمذاهب والأحزاب والحركات الإسلامية

موسوعة الفرق والجماعات والمذاهب والأحزاب والحركات الإسلامية

كتاب " موسوعة الفرق والجماعات والمذاهب والأحزاب والحركات الإسلامية " ، تأليف د. عبد المنعم الحنفي ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي عام 2005 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: مكتبة مدبولي
الصفحة رقم: 8

مقدمة الطبعة الأولى

1412هـ - 1992م

تاريخ الفِرقَ الإسـلامية هو تاريخ عملية ضخمة لتأسيس فكرى إسـلامى ، وهو محاولة تجديدية دائمة ودائبة للفكر العقدى والفلسفى والسياسى الإسلامى ، وإعادة تأسيسه وفقاً لمقتضيات العصـور الإسلامية المختلفة . ولا تزال عملية التأسيس مستمرة يشارك فيها الفلاسفة، وعلماء الاقتصاد والقانون والفقه والتاريخ ، والمصلحون الرواد .

والعناية بالفكر الفِرَقى قديم ، ورصده فى الكتب المرجعية ودراسـته دراسة علمية كان ظاهرة إيجابية كبيرة الأثر وجلية القيمة . وكتب الفرق لذلك كثيرة وإن كان يعيبها انحيازها وعدم موضوعيتها ، ورغم ذلك فإنا لا نرى إلا أن هذا الانحياز أثرَى المكتبة الفكرية الإسلامية بالتنوّع ومختلف التحليلات وتباين وجهات النظر . ولم نر فى تاريخ الفكر العقدى أو الإيمانى أمة بهذا الثراء الفكرى ، وعلى هذه الدرجة من التحرر الفكرى فى مناقشـة العقائد ، كأمة الإسلام . وما كان عليه أسلافنا من التحرر يجعلنا نأمل أن نحذو حذوهم ونبلغ شأوهم . والفكر دائمًا تواكبه حركة ، ومثلما كانت التيارات الفكرية الإسلامية متدفقة ، كانت الحركات الإسلامية عبر التاريخ الإسلامى كله حية وخصبة ، فلم يكن هناك انغلاق فكرى ولا اعتداد بالرأى ، ولم يُقفَل باب الحوار ، وكان النقاش يدور سجالاً وأمام أولى الأمر وأصحاب السلطة . والدعوة الإسلامية كانت دائمًا دعوة إلى الحوار ، وكانت هناك جرائم رأى ، ومصادرات على الفكر والكتب ، وعقوبات تنال البعض ، وحبس يتناول الجسـد ، إلا أن الحوار كان أسلوب التفكير الإسلامى ولا بديل عنه للتقدّم الفكرى . وما يزال القرآن يأمر بالحوار، وما يزال الرسول يطالب به خصومه ويقيم عليه براهينه ، وما يزال الاعتدال فيه هو سُنَة الخطاب الإسلامى الذى قوامه الوعظ والإرشاد والحركة والاحترام للرأى الآخر .

والحركات الإسلامية على مرّ التاريخ الإسلامى اتّبعت الحوار مع السلطة ومع الخصوم ، برغم أنها كانت أحيانًا تتطرّف ، وما كان الفكر المتطرف إلا وليد ظروف معينة نتيجة الكبت والحرمان، والعوز والاستبداد ، وسوء توزيع الثروة ، والاستئثار بالحكم فى عصور التخّلف ، وكان لابد أن يتصادم مع السلطة فى كل الأحوال ، حتى فى زماننا هذا ، إلا أن الواقع الثقافى الإسلامى كان يحتّم الحوار ، وكان النهج الديموقراطى هو النهج الغالب ، وهو نهج يُعنَى بالثوابت والأصول فى الإسلام ، ويركّز على مدلول الإسلام الحضارى ، ويقوم على النقد الذاتى والاجتهاد فى تمحيص التاريخ الإسلامى والتراث ، والتنظير لهما بربط ذلك بالواقع ، وهو واقع لم يكن يرضى به الأوائل ولا الأواخر ، وكانوا يدينونه بمقارنته بواقع حال المسلمين أيام الرسول ، وكان مجتمع مدينة الرسول هو المجتمع الأمثل، واليوتوبيا الإسلامية القدوة ، وهو مجتمع ثورة ، ولذلك كان تثوير الفكر هو خاصية من خصائص تاريخ الفرق الإسلامية، سواء كان هذا التثوير سلفيًا يقفز على الواقع ويتجاوز الزمان إلى نموذج مجتمع السلف الصالح فى المدينة ، منكرًا لعوامل التطور والتغيير فى المجتمعات الإسلامية ، أو كان تثويرًا عقلانيًا يغلّب العقل على النص فى فهم المشاكل والقضايا القائمة ، ويعيد الاعتبار إلى المنهج الاعتزالى فى التفكير .

والتاريخ الفكرى للفرق الإسلامية هو تاريخ المحاولة المستمرة لتأسيس المجتمع الإسلامى المثالى ، وتربية الفرد المسلم صاحب الرسالة، أو كما نسميه «المسلم الرسالى» ، وإنشاء الدولة التى تحكم بالقرآن وبالسُنّة ، والتى هدفها تأصيل استخلاف الإنسان فى الأرض وعمارة الكون .

والطابع الشمولى للإسلام هو نفسه الطابع الذى يحكم تفكير أصحاب الفرق الإسلامية، فلا تمييز بين أعمال الدنيا وأعمال الآخرة فى الإسلام ، ولا تفرقة بين المهام الدنيوية للدولة ومهامها الدينية ، ولا انفصال فى التفكير الإسلامى لمجتمع التدين عن المجتمع المدنى . واستطاعت أغلب الحركات الإسلامية التى نهجت هذا النهج أن يكون لها وجود شعبى وسط جماهير الأمة الإسلامية ، وأن يكون لها دورها كقوى رئيسية محرّكة للتاريخ ، وأن تتبنّى المطالب الشعبية وطموحات الناس المادية والمعنوية، وأن تغيّر باستمرار من مضمون الخطاب الفكرى الإسلامى عقديًا ، وسياسيًا، واجتماعيًا . ولم يكن نجاح الثورة الإيرانية – فى رأى الكثيرين – إلا لأنها كانت ثورة ضد الاستبداد والقهر والاستغلال والتبعية ، أو بتعبير البعض ثورة للمستضعفين ضد الطغيان السياسى والاستغلال الاقتصادى ، وحركة انقلاب شعبية باسم الإسلام ، وكان نجاحها هو الدليل على معقولية المشروع الإسلامى ، وأن الدولة الإسلامية ممكنة التحقيق . وفى رأى البعض أن انتصار الثورة الإسلامية فى إيران هو أول انتصار للفكر الثورى الإسلامى الذى يمثّله فكر الفرق الإسلامية ، وأنه دليل على النسق التطورى التقدمى لهذا الفكر ، وأن هذا الخط التطورى منذ البدايات الأولى كان ضد البدع ومظاهر التخلّف والشِّرْك فى الممارسات الدينية ، وأنه كان مع السلفية الأصولية، ثم السلفية الإصلاحية ، ثم السلفية التجديدية النهضوية، التى قيل فيها أنها تحترم الاجتهاد والرأى الآخر والمذاهب الأخرى ، بشرط أن لا تصبح هذه المذاهب بديلاً عن الإسلام ، وأن لا يكون تقديس النصّ على حساب مقتضيات الواقع، أو وسيلة لإلغاء العقل وقمع التفكير .

الصفحات