أنت هنا

قراءة كتاب موسوعة الفرق والجماعات والمذاهب والأحزاب والحركات الإسلامية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
موسوعة الفرق والجماعات والمذاهب والأحزاب والحركات الإسلامية

موسوعة الفرق والجماعات والمذاهب والأحزاب والحركات الإسلامية

كتاب " موسوعة الفرق والجماعات والمذاهب والأحزاب والحركات الإسلامية " ، تأليف د. عبد المنعم الحنفي ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي عام 2005 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: مكتبة مدبولي
الصفحة رقم: 9

غير أنه يبدو من استقراء تاريخ الفرق الإسلامية، أن إرادة التغيير كانت ملحّة فى أحيان كثيرة، بحيث أن تصوّر المستقبل البديل كان يطغى على مشروعية الوسائل التى يمكن أن يتحقق بها . ولم يتوخ الفكر المتطرّف منذ البداية وحتى الآن الضوابط الأخلاقية والشرعية الإسلامية ، وذهب فى تفسير النصّ تفسيرات معتسفة خرجت به عن مدلوله، وعن المسـار القويم للتيار الفِرَقى ، وكان مفهوم الجهاد هو نفس مفهوم الثورة المسلحة، واستحداث الانقلابات العسكرية، والاغتيالات الفردية، والتصفية الجسدية للمعارضين ، باعتبار الشعار: «القوة هى الضمان الوحيد لإحقاق الحق » . والجهاد لإقامة الدولة الإسلامية وحكومة الإسلام فريضة على المسلمين ، ولكنها فريضة غيّبوها طويلاً، وآن الأوان أن تكون حاضرة ، وكان أكثر ما يدور من حوار للفرق الإسلامية عبر التاريخ الإسلامى كله هو هذا الحوار حول جدلية الوسائل المحقِّقة للأهداف الإسلامية ، والجهاد هو أخص هذه الوسائل جدلية .

ويبدو أن تطور التفكير الفرقى الإسلامى يشير فعلاً إلى ما يحب البعض إطلاق اسم «الصحوة الإسلامية» عليه، بدلاً من «الثورة الإسلامية» . ويؤرخ دعاة الثورة الإسلامية لأول انطلاقة لها بحركة التمرد والعصيان التى انتهت بمقتل عمر بن الخطاب، ثم عثمان، ثم علىّ ، وكانت قمة الثورة هى استشهاد الحسين . وتمثَّل العصيان المسلح فى حركة الخوارج ، وقامت دويلات إسلامية شهدت الكثير من الإصلاحات الاجتماعية ، وإن كان المؤرخون قد وصموها بالخروج على الخط الدينى الإسلامى الصحيح ، واتهموا فكر أصحابها والداعين لها بالمروق والكفر . وأما دعاة الصحوة الإسلامية فهؤلاء كانوا مع الاعتدال ، وفرقتهم هى الفرقة التى ذكرها الرسول فى الحديث المشهور عن الفرق الإسلامية ، والذى رُوِى بأسانيد كثيرة ، فقد ذكروا أن الرسول قال : « افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة ، وتفترق أمتى على ثلاث وسبعين فرقة » ، وفى قول آخر : «ليأتين على أمتى ما أتى على بنى إسرائيل: تفرَّق بنو إسرائيل على اثنتين وسبعين مِلّة ، وستفترق أمتى على ثلاث وسبعين ملة ، تزيد عليهم ملة، كلهم فى النار إلا ملة واحدة». قالوا : يا رسول الله – وما الملّة التى تغلب ؟ قال : «ما أنا عليه وأصحابى». وفى رواية ثالثة أنه قال : « إن بنى إسرائيل افترقت على إحدى وسبعين فرقة . وإن أمتى ستفترق على اثنتين وسبعين فرقة ، كلها فى النار إلا واحدة ، وهى الجماعة » .

والأحاديث الثلاثة السابقة هى التى تؤصّل لمصطلح «الفرق الإسلامية» . وقد ورد عن النبىّ ، أنه ذمّ فرق القدرية، ووصفهم بأنهم مجوس هذه الأمة ، وذمّ فِرَق المرجئة، والمارقين من الخوارج . ورُوى ذلك عن الصحابة . ولم يكن المراد بالفرق المذمومة، من أهل النار، المذاهب الإسلامية الأربعة ، ولا أهل الفقه الذين اختلفوا فى فروع الحلال والحرام ، وذلك لأنهم متفقون على أصول الدين . وإنما المقصود بالفرق المذمومة أهل الأهواء الضالة، الذين خرجوا على الجماعة فى تفسيراتهم وتأويلاتهم ، وشذّوا وأغربوا فى أفكارهم ، واتخذ تطرفهم أشكال الخروج على الإسلام نفسه فى أبواب العدل والتوحيد ، والوعد والوعيد ، والقدر والاستطاعة، وتقدير الخير والشر ، والهداية والضلالة ، والإرادة والمشيئة ، والرؤية والإدراك ، وصفات الله وأسمائه ، والتعديل والتجوير ، والنبوّة وشروطها ، ونحو ذلك مما اتفق عليه أهل السنة والجماعة من فريقىّ الرأى والحديث ، وخالفهم فيه أهل الأهواء من فِرَق القدرية، والخوارج، والروافض، والجبرية، والمجسِّمة، والمشبِّهة ، فصحّ تأويل الحديث المروىّ فى افتراق الأمة. وستظل الأمة تفترق فى مسائل كهذه ، وفى مسائل أخرى مستحدثة أهمت الشعوب الإسلامية، وشغلت تفكيرها، وشكلت حقًا ما يسمى اليوم بالصحوة الإسلامية .

ويبدو أن الصحوة لا الثورة هى طريق المعتدلين أو الجماعة ، وأنها طريق التطور المنسق والمتدرِّج لا الانقلاب والطفرة . وفى رأى البعض أن الصحوة تعبير مستحدث وإطلاق أجنبى شاع بعد ثورة الخومينى (1902-1989)، وأن الصحوة هى الثورة الإسلامية التى تهدف إلى تغيير الأوضاع بالجهاد ، أى بالقوة، وكان الأجدى استخدام كلمة الحركة . غير أن الغالبية مع تعريف حركة الفرَق الإسلامية المعاصرة بأنها ليست حركة تغيير ثورى جذرى ، وإنما حركة بناء للفرد المسلم ، وتعبئة للجماعة المسلمة ، وأنها حركة أصولية تجديدية ، وحركة تغيير اجتماعى تأخذ بأسباب التعبئة المنهجية والحركة المخططة فى الترشيد الاجتماعى .

الصفحات