أنت هنا

قراءة كتاب الوظيفة الإقليمية لتركيا في الشرق الأوسط

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الوظيفة الإقليمية لتركيا في الشرق الأوسط

الوظيفة الإقليمية لتركيا في الشرق الأوسط

كتاب " الوظيفة الإقليمية لتركيا في الشرق الأوسط " ، تأليف د. أحمد نوري النعيمي ، والذي صدر عن دار زهران عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 4

1. الانفصال عن العرب والقضاء عليهم، واتباع سياسة التتريك معهم.

2. نشر المفاهيم الطورانية المتعصبة في الدولة العثمانية.

3. تبني المناهج الغربية في مجال الفكر والحضارة معاً.

وقد انتـقلت الحساسية بـين العرب والأتراك إلى مـجالات الدين، فقـد عـاب رشـيد رضـا في المنار على الأتراك تشبـثهم بالخـلافة، فالخـلافة في قريـش وأن حروب وفتوح الأتراك لم تكن دينية، ودعـوتهم للإسـلام إنما كانت لأجـل توسيع ملكـهم وسيطرتـهم.(28)

وفـي هـذا المـعنى، قالـت جريـدة "البـرق": "أن الأمـة التـركية ستـظل الأمـة الحـاكمة فـي السلطـنة العـثمانية، وأنـهم يتـمتعون بصفـة سامـية بصفـتهم فاتحـين، ولا مجـال للاعـتراف بحقـوق مسـاوية للعـناصر العـرقية الأخـرى والدسـتور العثـماني دستور"تركي".(29)

وتروي أيضاً جريدة "البرق" عن لسان ابن الداماد محمود باشا: "أن كل ولاية لا يقطنها الترك يخشى عليها من تغلب العنصر الإسلامي على المسيحي، لأن الترك يجرون مع الحضارة، فضلاً عن الاستعداد الكافي للحكم الدستوري، بخلاف العرب فان القسم الأكبر منهم من الرحل وهم غير أهل للاستقلال السياسي".(30)

وقد انتقل هذا الصراع إلى مستوى اللغة، إذ أحذ شكلاً محسوساً وخطراً مع مسالة تتريك للغة العربية. وتقول جريدة "البرق" في 26 آذار 1911: "فهل خطر في بال نوابنا، وعددهم يقرب نصف المجموع العام. البحث بشأن تعديل المادة 18 من الدستور، تلك المادة التي يقع تحت ألفاظهاالقليلة سقوط أمة ونهوض أخرى وإذلال لغة وأعلاء أخرى".(31)

والحق، أن الشكاوي قد كثرت من جراء إجبار الناس على الكتابة باللغة التركية، وفي تعليق لجريدة "البرق" في 2 تشرين الأول 1909 أن اللغة التركية تتضمن 40% من اللغة العربية، و40% من اللغة الفارسية و 20% من التركية الأصيلة.(32)

وتروي جريدة "البرق" في 21 مايس 1910 حديثاً لأحد المسؤولين الأتراك من جمعية الاتحاد والترقي: "إن إزالة مسألة الأمام وتعصبهم معطوف على تلك الجهة. إنما يوجد طريق لتقليل نفوذ الأمام وحل هذه المعضلة، ألا وهو المال، لأن العرب بمقتضى فطرتهم يفادون بأنفسهم حباً بالمال.(33)

وتنقل إلينا جريدة "البرق" في 3 كانون الأول 1910 صورة عن موقف الاتحاديين من ممثلي العرب في مجلس المبعوثان. فلقد هاجم الاتحاديون إبراهيم سليمان النجار بلسان حسن جاهد الذي قال: "قام رجل يدعى نجاراً وهو من مسيحي سوريا. ولكنه لا يعلم أكان عربياً أم غير عربي، وانتحل لنفسه الوكالة عن الأمة العربية، ونشر اقتراحا يطلب فيه اتحاد النواب الروم والعرب، نعجب وأيم الحق من هذه الجرأة المستغربة التي دفعت نجاراً أفندياً لأن ينتحل لنفسه حق الوكالة عن العرب حتى الموجودين في أقصى الولايات المتحدة الأمريكية، ويزعم أنه يطلب بحق هذه الأمور ليحافظ على اللغة العربية".(34)

وقد اعتقد المفكرون العرب في تلك الحقبة أن إعلان جمعية الاتحاد والترقي الدستور وإطلاق الحريات بعد حكم السلطان عبد الحميد الثاني كان يعني حقبة جديدة لتعزيز العلاقات العربية التركية، ولكن كان الأمر على العكس من ذلك، كانت حركة منظمة للانقضاض على يقظة الحركة العربية.(35)

والحق الأمر إن إعلان دستور عام 1908 كان يشير إلى أمرين هما: (36)

1. إحلال الجامعة الطورانية محل الجامعة الإسلامية.

2. الانفصال والفرقة بين العرب والأتراك.

3. العرب والأتراك في الحرب العالمية الأولى

بعد القضاء على سلطة عبد الحميد الثاني في 27 نيسان 1909، عمد الاتحاديون خطة مزدوجة مع العرب، من ناحية اتباعهم لسياسة محاباة العرب وخداعهم بهدف إحصاء خطواتهم ثم الكشف عن مخططاتهم، وقد أصبحت هذه السياسة جلية وواضحة منذ أن بين احمد جمال في خطابه حول نيته عن العرب حين قال في حفلة الشبيبة العربية: "إن حركة الجامعة التركية التي شهدتموها في الأستانة، وفي الجهات الأخرى الآهلة بالعناصر التركية لا تتضارب بشكل ما والمطامع العربية، وان الدولة العثمانية وجدت فيها حركات بلغارية ويونانية وأرمينية، والآن توجد حركة عربية، لقد نسى الأتراك وجودهم بالمرة إلى حد انهم يخشون ذكر شعبهم. فالروح الوطني رقد رقوداً تاماً حتى لقد ضيق على الشعب التركي أن يتلاشى نهائياً، فدرءاً لهذا الخطر المقبل نهض رجال تركيا الفتاة بغيرة تستحق الإعجاب فلجئوا إلى السلاح لتعليم الأتراك الروح الوطنية، وما يضمه من الفضائل".(37)

وقد كشف احمد جمال باشا عن نيته في ضرب الحركة العربية حين قال في مذكراته: "إن موظفي قلم الاستعلامات عثروا على وثيقة تدين بعض قادة العرب لاشتراكهم في الثورة ضد الأتراك. جاء في هذه الوثيقة: "فلو ختمت الحرب بانتصار الحلفاء فان هذه النهاية تصح ولا مفر منها وبذلك يسهل حل المسألة الشرقية بوساطة روسيا، وإذ ذاك تصبح الأراضي العربية عرضة للأخطار نفسها التي تهدد الأراضي التركية. وبما إن الأتراك سوف يبذلون قصارى جهدهم ويستخدمون كل مواردهم الدفاعية للذود عن دولتهم وممتلكاتهم فان الخطر الذي يهدد العرب سيكون اعظم والبلية أشد.. وهذا هو المنتظر وقوعه فعلاً.. إذن فمن المهم أن يتأهب العرب للذود عن استقلالهم المهدد وان جمعيتنا التي لديها هيئة خاصة والمؤلفة من نفر اشتهروا بالوطنية، وعرفوا بالتضحية ترى إن واجبها المقدس يقضي اتخاذ الوسائل الفعالة في الحال لصيانة الوطن وأبنائه".(38)

حارب مصطفى كمال ضد الأوربيين في ليبيا، وفي حملات الشرق الأوسط الدموية في الحرب العالمية الأولى. وقد ساعدت الاندحارات العثمانية على إقناعه إن الشرق الأوسط ليس لديه الكثير ليقدمه إلى دولته الجديدة. ومن الواضح إنه لم تكن جمهورية اتاتورك الجديدة بدأت للأوربيين في سياستهم من أجل النفوذ الاستعماري.(39)

وفي أثناء الثورة العربية عام 1916(40) حدثت بعض المشاكل في العلاقات بين العرب والأتراك إذ قامت القبائل البدوية من العرب بقتل مجموعة من الجنود الأتراك على جبهة فلسطين وقد أدى هذا من جانب الأتراك إلى بروز الشعور القومي عندهم.. ومن جانب آخر استغلت في هذه المدة بعض الأقطار العربية.. كل هذا أدى إلي انهيار الدولة العثمانية في جبهة فلسطين إذ تحرك الإنكليز للسيطرة عليها ومن ثم احتلال جنوب تركيا من قبل الجيوش الفرنسية(41).. إن نخبة عالية من الضباط العسكريين الذين حكموا تركيا بعد عام 1922 لم ينسوا ولم يعفوا عن مسؤوليتهم فيثورتهم لعام1916(42).

وهذا يعني أن الأتراك قد شعروا أن العرب قد خانوهم بسبب ثورتهم ضد الحكم العثماني وقد أدى ذلك إلى شعور بالألم والمرارة.. ومن الناحية العملية نظرت جمهورية اتاتورك إلى الشرق الأوسط صاف على ثورتها القليلة.. لقد كانت المنطقة فقيرة ومتخلفة وسوف تؤدي محافظاتها الاجتماعية والدينية إلى إعاقتها اندفاع تركيا الشديد نحو ما أسماه أتاتورك "الحضارة" وأكثر من ذلك ستكون الجمهورية دولة قومية.. إن الروابط مع الدول المجاورة الشرق أوسطية لتركيا تذكرها بالأيام العثمانية والخلافة التي أكد اتاتورك أنها ذهبت إلى الأبد(43).

الصفحات