أنت هنا

قراءة كتاب الوظيفة الإقليمية لتركيا في الشرق الأوسط

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الوظيفة الإقليمية لتركيا في الشرق الأوسط

الوظيفة الإقليمية لتركيا في الشرق الأوسط

كتاب " الوظيفة الإقليمية لتركيا في الشرق الأوسط " ، تأليف د. أحمد نوري النعيمي ، والذي صدر عن دار زهران عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 9

وفضلاً عن ذلك حاول حزب الشعب الجمهوري إرضاء بعض شرائح الرأي العام المحلي المتمسك بالدين على الرغم من علمانية النظام السياسي التركي، ولا سيما إذا عرفنا أن الحزب بدأ ومنذ عام 1948، بالاهتمام بالدين، بغية الوقوف أمام شعبية الحزب الديمقراطي، الذي حمل شعار إحياء التقاليد الإسلامية في تركيا.

إن تركيا لم تكن لتنظم في هذه المدة إلى التكتلات والأحلاف العسكرية التي تشكل قيوداً على تحركها في السياسة الخارجية.

ناهيك عن أن تركيا رغبت أن تلعب دوراً بارزاً في الأمم المتحدة، عن طريق إظهار نفسها بمظهر الدولة التي تسهم في إقرار السلام والاستقرار في العالم، بموجب شعار اتاتورك "السلم في الداخل والسلم في الخارج"(86).

وفي خريف عام 1948 ناقشت الجمعية العامة في دورتها الثالثة التقرير الذي أعده الكونت برنادوت الوسيط العام في فلسطين، وقد تضمن هذا التقرير أن عرب فلسطين لم يغادروا ديارهم طوعاً واختياراً وإنما غادروها نتيجة لأعمال العنف والإرهاب التي ارتكبتها السلطات الصهيونية ضد الامنين العرب وإن قضية فلسطين لا يمكن حلها إلا إذ أتيح للاجئين العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم المغتصبة، وبناءً على هذا التقرير أصدرت الجمعية العامة قرارها المرقم 194(د3) في كانون الأول 1948 حول تشكيل لجنة التوفيق التي تكونت من ثلاث دول هي الولايات المتحدة وفرنساوتركيا.(87)

إن عضوية تركيا في لجنة التوفيق هي مرحلة جديدة أدت إلى الفتور في العلاقات العربية التركية. والحق أدخلت هذه العضوية بعداً جديداً في العلاقات العربية التركية بسبب معارضة الأقطار العربية لهذه اللجنة. وعليه فبحكم عضوية تركيا في اللجنة المذكورة لم يعد بمقدور تركيا مساندة الموقف العربي والفلسطيني، وبدأ واضحاً أنها لا تنوي عمل ذلك إذ ساندت الخطط الغربية، ولا سيما إذا عرفنا أن تركيا أصبحت جزءاً من مبدأ ترومان عام 1947.(88)

وفي هذه الحقبة بالذات، أخذت تركيا تبحث عن الاعتراف بالكيان الصهيوني، وفي هذا الشأن أدلى نجم الدين ساداك وزير خارجية تركيا وقتئذ بحديث إلى وكالة الأناضول التركي في 8 شباط 1949، جاء فيه: " أن إسرائيل أصبحت حقيقة، وإن أكثر من ثلاثين دولة اعترفت بها، وإنالعرب في حالة تفاوض مباشر معها، وفي ظل هذه الظروف يجب علينا أن لا نغير موقفنا من لجنة التوفيق بشأن فلسطين التابعة للأمم المتحدة، وعلينا أداء واجبنا في هذه اللجنة على خير ما يرام ".(89)

وقد اعترفت تركيا فعلاً بالكيان الصهيوني في آذار 1949،وبهذا تكون تركيا أول دولة إسلامية تعترف به.(90) وقد كان هذا الاعتراف اعترافاً واقعياً.(91) وبهذه المناسبة قال عصمت اينونو زعيم حزب الشعب الجمهوري وقتئذ في المجلس الوطني التركي الكبير: " وقد كونا علاقات سياسية مع إسرائيل التي أنشأت منذ عهد قريب، ونتمنى أن تكون هذه الدولة مصدر أمن واستقرار في الشرق الأوسط ".(92)

وفي هذا الصدد قال نجم الدين ساداك وزير خارجية تركيا وقتئذ: " أن تركيا فكرت في العمل بموجب الاتجاه العام، وعلى هذا الأساس فانها اعترفت باسرائيل في 28 اذار 1949 ".(93)

انتقدت الأقطار العربية قرار اعتراف تركيا بالكيان الصهيوني، إلا أن الأتراك قالوا، إن تركيا كانت من بين آخر الأقطار الأوربية التي اعترفت بالكيان الصهيوني، وأكد هؤلاء، أن حكومة أنقرة انتظرت حتى غدت إسرائيل حقيقة واقعة.(94)

لم تكتف تركيا بهذا القدر، إذ قامت بالاعتراف القانوني الكامل للكيان الصهيوني في كانون الثاني عام 1950، ونتيجة لذلك فقد قامت علاقات دبلوماسية بين تركيا والكيان الصهيوني على مستوى المفوضيات، وعين في هذا الشأن " الياهو ساسون "(95) أول وزير مفوض للكيان الصهيوني في تركيا.(96) أما تركيا فإنها بعثت سيف الله حسن القائم بالأعمال إلى الكيان الصهيوني.(97)

في خضم هذه التطورات، وافقت الحكومة التركية على هجرة اليهود الأتراك إلى الأرض المحتلة. إذ هاجر حتى أوائل 1954 ما يقارب من 34 ألف يهودي تركي، وازداد هذا الرقم إلى 36 ألف مهاجر في عام 1960.(98)

ونتيجة لذلك فقد تطورت العلاقات التركية الصهيونية في مجالات عدة، لعل من بينها المجال الثقافي، إذ قام تعاون علمي بين جامعة الشرق الأوسط للتكنولوجيا في أنقرة، والمعهد الزراعي التابع للجامعة العبرية، وقد أدى هذا التعاون إلى نشر النظريات والخبرات الصهيونية في مجال التنمية الإقليمية للأساتذة والطلاب الأتراك، وفي الوقت نفسه تم إنشاء قسم للتخطيط الإقليمي والمشاركة في برامج البحوث الجامعية، وإجراء البحوث بالتعاون مع الحكومة ولا سيما مع وزارتي الإنشاء والتعمير والشؤون الدينية.(99)

وعليه نرى، فإن الحكومة التركية استعانت بعلماء اليهود، وذلك في منتصف الخمسينات، ومن بين هؤلاء على سبيل المثال بودينهمر عالم الحشرات، وقد أصبح لهؤلاء دور في تأسيس قسم الفلسفة في الجامعات التركية، إذ تتلمذ على أيديهم مجموعة علماء الفلاسفة والاجتماع واللغة.(100)

ولا بد من معرفة اتجاهات الرأي العام التركي ووسائل الإعلام في تركيا، إذ أن قسماً من الرأي العام التركي أخذ ينظر إلى الكيان الصهيوني – وقتئذ أنه قاعدة ارتكاز للمخططات السوفيتية في المنطقة العربية والشرق الأوسط، وفي هذا الخصوص يقول أحد كتاب السياسة الخارجية البارزين في تركيا: " إن الاتحاد السوفيتي مول " إسرائيل قبل إنشائها وذلك بوساطة المهاجرين اليهود من رومانيا والدول البلقانية، والانكى من ذلك أن المنظمة الإرهابية اليهودية شتيرن على اتصال دائم بالاتحاد السوفيتي، وقد تفشى سر ذلك. وجدير بالإشارة أن الاتحاد السوفيتي أرسل الخبراء من العسكريين لتدريب اليهود في إسرائيل. وقد أصبحت إسرائيل قاعدة ستراتيجية للشيوعية الدولية في الشرق الأوسط، وذلك فإن الشيوعية ستتغلغل من الجنوب إلى الشمال وليس من الشمال إلى الجنوب، إن هذا التيار الشيوعي سيكون موجهاً لتركيا بالذات، وعليه فإن أمن البحر الأبيض المتوسط سيكون مثار بحث ".(101)

الصفحات