أنت هنا

قراءة كتاب الإسلام والدولة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الإسلام والدولة

الإسلام والدولة

كتاب " الإسلام والدولة " ، تأليف النيل عبد القادر أبو قرون ، والذي صدر عن دار المؤسسة العربية للدراسات والنشر .

الصفحة رقم: 7

وإذا كان كُلّ الرسل صلوات الله عليهم جاءوا بالدين، أي بالإسلام كما قال تعالى {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}(77)، فذلك يعني أن الدين، أي الإسلام، عند كلِّ الأنبياء ما هو إلا شرائعَ بُعِث بها أولئك الرسل لخلقِ المجتمعِ الفاضل وكرامة الإنسان، الذي هو القصد من إرسالِ الرُّسُل، {لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ}(78) من حيث وحدة الرسالة في الشرائع المُنزلة· لكنّ التفضيل بينهم فهو وارد - وهو غير التفريق - {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}(79)، أما مِن حيث ما جاءوا به من عند الله، فقد قال تعالى: {قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}(80)· وجاءت الرسالةُ الخاتمة للرسول الأعظم محمد صلى الله وبارك عليه وآله للإقرار بما سبق من الرُّسُل وصِحَّة كتُبِهم وتصديقها {مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ}(81)، ولتبيان ما كان من اختلاف أُحدث من أتباع الرسل في تلك الرسالات {وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ···}(82) ولتوضيح الحقّ فيها {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}(83) وهي الهيمنة {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ···}(84)، لِبيان الأفضلية {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ···}(85) وليُظهره الله على الدين كلّه؛ قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ}(86) ليُتَمِّم صالح الأخلاق، التي هي الغاية - قال صلى الله وبارك عليه وآله إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق(87)· فأخذ الله العهد على كلِّ الرسل والأنبياء للإيمان بمحمد صلى الله وبارك عليه وآله ولِنُصرته، لهيمنة رسالته، ولحبّه له، قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ}(88)· فمَن لم يَعلَم لماذا كانت بعثة محمد صلى الله وبارك عليه وآله تحديداً فقد جهله وجهل ما جاء به، سواء أكان من الذين آمنوا أو الذين هادوا أو النصارى أو الصابئين؛ فإن بمَعرِفة مقصد البعثة تنتهي العصبية الدينية والتحزُّب والبغضاء·

فالعصبية الدينية الموجودة اليوم هي تقنين للعداءات وتبرير للحروب والغزو المتبادل، ومُنتِجة للبُعد عن منهج الله القائم على الحب والمعرفة وحرية الإنسان· أما وحدة الرسل والرسالات فهو أمرٌ واضح في كتب الله يأبى التفريق ويُثبِت التفضيل·

الصفحات