أنت هنا

قراءة كتاب الإسلام والدولة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الإسلام والدولة

الإسلام والدولة

كتاب " الإسلام والدولة " ، تأليف النيل عبد القادر أبو قرون ، والذي صدر عن دار المؤسسة العربية للدراسات والنشر .

الصفحة رقم: 3

إنّ هذا الحديث لَم يُنسَب لرسول الله صلى الله وبارك عليه وآله إلاّ لإيجاد مبررات لتسمية الاستعمار العربي الذي تمّ للشعوب الأخرى بـالفتوحات الإسلامية، ولذلك سَمُّوا المواقع التي كان رسول الله صلى الله وبارك عليه وآله يدافع فيها عن المدينة غزوات· فمعركة بدر التي كانت داخل حدود المدينة فُرضت على المسلمين فرضاً، ولم يخرج الرسول صلى الله وبارك عليه وآله من المدينة ليُقاتِل قريشاً لِفَرض الإسلام عليهم· بل مِن أجلِ اعتراضِ عير قُريش، التي كانت قادمة من الشام، بِقَصدِ استرداد أموال المُسلمين التي أخذها المُشركون في ِمكة بعد إخراج المُسلمين مِن ديارهم· وبعد أن نَجَت العير مِن الاعتراض قرّر المُشركون مُهاجمة المُسلمين في ديارهم حتى يأمَنوا شَرّهم ويستأصِلوا شأفَتهُم، فجاءوا غُزاة من مكة إلى أن نزلوا بِبَدر، فكان لابُدّ مِن مُلاقاتهم، وهكذا فُرِضَت المعركة على المُسلمين ولم يكن ثمة مناص من ملاقاة المشركين {··· وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ}(25)، فكيف أصبح المؤرخون المسلمون ومن تبعهم إلى اليوم يسمونها أولى غزوات الرسول صلى الله وبارك عليه وآله··؟!

أما معركة أُحُد التي جاء فيها المشركون إلى المدينة بجيشهم فهي أيضاً من وجهة نظرهم غزوة، ومن يعرف أبسط المعلومات الجغرافية عن موقعي أُحُد وبدر يدرك كم كانا قريبين من المدينة، وأن المشركين هم الغزاة وليس الرسول وأصحابه: إذ كان موقفهم العسكري دفاعياً، وهذا ما حدث أيضا في ما يسمّى بغزوة الأحزاب الذين جاءوا إلى المدينة بجيوشهم، فما كان من المسلمين وعلى رأسهم رسول الله صلى الله وبارك عليه وآله إلا أن حفروا خندقاً حول المدينة للدفاع عنها !!

ومن الواضح في كل ما سبق أن رسول الله صلى الله وبارك عليه وآله لم يكن هو الغازي في هذه المعارك، ولم يقاتل أحداً لفرض الإسلام، ولم يعتد {إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ}(26)·

ولعل النتيجة التي يمكن أن يخلص إليها مَن يقرأ الحديث الآنف الذكر أمرت أن أقاتل الناس ويعتقد فيه - ونعوذ بالله من ذلك - ما يلي:

أولاً : إنّ الرسول المعصوم صلى الله وبارك عليه وآله يقول ويفعل ما يناقض قول الله وما يأمره به في القرآن العظيم·

ثانياً : كان انتشار الإسلام بحدّ السيف - وليصمت الذين يدْعون إلى الإسلام بالعقل والمنطق وحُسن الخُلُق، والموعظة الحسنة·

ثالثاً : إن الرحمة قد انتفت عن نبي الرحمة صلى الله وبارك عليه وآله فلم يجد متسعاً لإيصال رسالته إلى الناس بغير السيف·

رابعاً : كلمة الناس في الحديث جاءت على إطلاقها وكأنّ رسول الهداية جاء مقاتلاً للناس لا داعياً ومبَشِّراً ونوراً·

ومن خصائص الرسالة العالمية الخاتمة والمُستمرّة ألا تُكرِّس للعداءات والمرارات والدماء؛ لذا فإنّي لا أرى إمكان نسبة هذا الحديث إلى النبي صلى الله وبارك عليه وآله، وردُّه واجبٌ على كل مسلم يؤمن بالله ورسولِه وكتابه وعصمة نبيه الذي كان خلقه القرآن(27)·

الصفحات