أنت هنا

قراءة كتاب رؤية في فهم الترميز الجمالي للفلسفات الوضعية والأديان

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
رؤية في فهم الترميز الجمالي للفلسفات الوضعية والأديان

رؤية في فهم الترميز الجمالي للفلسفات الوضعية والأديان

كتاب " رؤية في فهم الترميز الجمالي للفلسفات الوضعية والأديان " ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 5

وفلسفاتنا الوضعية هي الأفكار التي تتصف بالحكمة التي تلخص حياة الأفراد في العيش سوية وفق نواميس الطبيعة والكون، معتمدة على أساس حق المطلق في توجيه هذه الحكمة لما يراه تجاه النسبـي الذي أوجدهُ.

فالدلالة الرمزية تحدد لنا محورين رئيسيين لتلك المفاهيم الجمالية التي ستؤسس فيما بعد نشوء تكوين فكرة الجمال والترميز والرمز تجاه أفكار المحورين، حيث نرى وجود محور للمطلق الذي أوجد النسبـي وهيئ له وسائل استمراره في الطبيعة التي أوجدها له أيضاً، ومنع وصعّب عليه خاصية محددة ممثلة (بعدم القدرة) وترك له المقدرة في كل شيء يراه ويتحسسه من حوله، وخص لذاته ولنفسه (القدرة) في كل شيء، وهذه واحدة من دلالة فكرة (رمز الجميل).

وبما أن النسبـي (الإنسان تحددت مهامه بفضل وجميل "المطلق" بتحديد ماهية أفعاله)، فعليه إذن أعباء وواجبات الحديث إلى المطلق ومخاطبته بوسائل مخاطبة خاصة يبتدعها بطريقة ذاتية خالصة تُفهم المطلق من خلال صدق ومصداقية النسبـي التي يعرفها المطلق إن كانت خالصة له أم لغيره؛ وإن عملية التخاطب هذه هي وحدها تعتمر وتتمثل بديمقراطية الجمال الإلهي تجاه موجوده، باعتبار أن الذي أوجد هذا الموجود من العدم وبفضله وجميله كان وجوده، وعليه مساحة من الحرية المشروطة أي (الديمقراطية الملزمة)، وهو عمل يعدّل وينظم الحياة الكونية، وهي ملك ذات المطلق.

فالحديث من المطلق إلى النسبـي هو عملية مطلقة بعموم الأشياء وخصوصيتها الواسعة، والحديث من النسبـي إلى المطلق هو حديث محدد مخصص ومعلوم، وهنا تنشأ جمالية الإقرار بجميل المطلق الجميل في الفهم المرمز للأفكار كوصايا أو علامات تحتاج إلى من يحل شفراتها أو رموزها وهي مقصودة بذات المطلق من أن تكون هكذا مبهمة، ولكن هيئ لها مفاتيح الانفراج والفهم لدلالته بقوة تكوينه وعمق تبصره وبصيرته.

إذن كيف يكون "الحديث" إلى المطلق ووفق هذه المحددات التي رسمت بأفضليتهِ إلى موجوده، فعندئذ تكون الفرصة مهيأة "للنظر" إلى "الذات" و"النفس" في ذلك الحديث وذلك التخاطب، وهذا النظر هو من أصعب وأعقد الأوامر والطلبات حيث "كيف تثق بذاتك؟" من خلال أمر معلوم، فكان الجميل الجديد قد خصص المطلق له أدوات معلومة، بكيف تُفهم النسبـي عملية التخاطب هذه وحدودها بوسائل تعينه على هذا التخاطب والإفهام، وفق أفضل وأجمل الطرائق الممكنة التي يستطيع الموجود أن يقوم بها، والتي حددها الموجد له بمقدرته لفعلها، وهي تامة شاملة كاملة للقيام بذلك التواصل، فأعلم بها الموجود من خلال وسائط مكتملة النضج العقلي "للمطلق" والنضج الخلقي "النسبـي" ممثلة بالرسل أو الأنبياء وهم واسطة مختارة تعبر عن إرادته وعن مكنوناته وأوامره الخاصة بأفضل أداة موجودة، وبما إن المطلق يعلم ما يريد من خلال أوامره فأعتبر كل مطلب جميلاً بذاتهِ ومرمزاً تجاه كينونة الموجود، وهذا ما حصل وجرى منذ أن أوجد المطلق هذا النسبـي "منذ بداية الخلق"، فكون النسبـي محسوس مادي أضاف إليه الروح وهي "رمز جميل" غير مادي، وكون أضاف إليه رمز مضاف "العقل" وهو مادي محدد بإرادته فهو يعتريه القصور في رؤية الحقائق الكاملة والكامنة ما وراء خلق الكون والطبيعة، فهي أي "العقول" قاصرة عن الإمساك بالحقيقة المطلقة، بالرغم من بلوغ العقول هذه صفاء تفكيرها وسبرغور مقدراتها المادية التي حددها بعضاً من علماء النفس "أي اكتشافها" من "16- 17" مليون قدرة عقلية، إلا أنه يظل تحت سقف صلاحيات المطلق وإراداته فإن شاء زادها وإن شاء أنقصها وإن شاء أبقاها كما هي "نحن"، فأتت رمزية الأفكار بلغة محددة معلومة تبصّر بها النسبـي من خلال قدرات المطلق اللا متناهية، فكانت أداة الرمز، أداة ترميز في معانيها من قبل المفكرين الوضعيين، كونهم أدركوا مطالب المطلق بأحقيته بإطاعته والامتثال لأوامره وما يريد.

ولهذا أدرك الفلاسفة هذا الحق وبهذا الوجود، فطوروا من أدواتهم في التفكير وملاحظاتهم في الانتباه ومعاينة الطبيعة بجدٍ وجميل وعرفان، فتفننوا بحيلهم اللغوية برموز وتشفير كبيرين وكثيرة أتت من كثرة تلك الأفكار وفنونها والتي أطروها بجماليات ذوق المفردة وسحرها وتأثيرها في عقول من هم في معيتهم، وما القصص والأساطير وفلسفاتها والأفكار التي ترمزها إلا نموذجاً واقعياً على دلالة حضور الترميز الجمالي "وقدسيته"، وعرفاناً مرمزاً تجاه حق المطلق في إفاضته للجميل على موجوداته.

الصفحات