أنت هنا

قراءة كتاب رؤية في فهم الترميز الجمالي للفلسفات الوضعية والأديان

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
رؤية في فهم الترميز الجمالي للفلسفات الوضعية والأديان

رؤية في فهم الترميز الجمالي للفلسفات الوضعية والأديان

كتاب " رؤية في فهم الترميز الجمالي للفلسفات الوضعية والأديان " ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 7

وهذا الذي قلناه قد شكل ترميزاً، باختيار المطلق له في إفاضة الجميل عليه في أوامر طاعته وبلوغ هذه الذات إلى كمال الانسجام أي "الجمال" وكونه "فكرة" والفكرة "رمز" والرمز هو الدلالة العملية الجميلة لتلك الفكرة، وترميزها هو الفكرة، إذن هو فكرة وعمل، حيث خلق المطلق النسبـي جسد جميل وعقل فارغ، ولم يبقى سوى الروح (وهي الباقية) لتجعل من هذا الجسد والعقل الفارغ كياناً جمالياً جديداً.

إذن (فالنسبـي هنا يعيش لذّة مبعثها عملية العمل نفسها، ونشاطه الحر، فالقدرة الكلية لقوى الإنسان الجوهرية، تلك المقدرة التي لا تتحقق فعلياً إلا في اللا نهاية، من خلال تغيير الطبيعة بواسطة العمل) (10-ص57) فبدون قدرة المطلق لا شيء في الكون يسمى ويشخص، فبكفاءة الروح العالية "المطلق" حددت نمطية الجسد بأفعال متناهية الصنع لتغيير واقع الطبيعة المعلق تجاه رضا المطلق بمدارك العقل ومقدرته، فأصبح توازن ثابت بين الروح والجسد والعقل لفعل الجمال وإنتاجه (ولما كانت الذاتية تتخذ واسطتها في التعبير عن تلك الاعمال الفنية "الجميلة" ذات الدلالات المثالية التي تكون أقدر على تقديم الروح في وجودها الذاتي) (14-ص168)، ولنبين أن حقه في تلك الطاعة والامتثال إلى تحقيق ما يريده بديمقراطية منضبطة تعد رمزاً جمالياً لهداية الموجود إلى تحقيق مصلحته دون علم منه، بتوسعة المقدرة لديه ولتثبيت أحقية المطلق وفق انضباط ديمقراطيته، حيث يخاطب جميع موجوداته (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة: 62)، ثم يقول (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) (البقرة: 255)، وهنا نجد أن المطلق أراد أن يوصل رسالته بشكل لطيف وجميل حين يخاطب النسبـي هذا، بأفضل أدوات الفهم والتخاطب وبلوغ ذلك لإطاعته، وأجملها لطاعته.

فلو أمعنا النظر في ما خلقه لنا وأوجده لنستمر في الحياة وفق محدداته، لما تردد هذا الموجود لعمل ما يريده، ومثالنا في ذلك العمل والامتثال بما يريد ما يأتي (كان عرشه على الماء فسما عليه فسماه سماءً ثم أيبس الماء فجعله أرضاً واحدة ثم فتقها فجعلها سبع أرضين في يومين- الأحد والاثنين- فخلق الأرض ثم أرسى عليها الجبال وخلق فيها أقوات أهلها وشجرها وما ينبغي لها في يومين- الثلاثاء والأربعاء- ثم استوى إلى السماء وهي دخان وذلك الدخان من تنفس الماء فجعلها سماء واحدة ثم فتقها فجعلها سبع سموات في يومين- الخميس والجمعة- ثم جمع فيه خلق السموات والأرض وأوفى في كل سماء أمرها الذي في البحار والجبال والبر، وما لا يعرفه الموجود بعد، ثم زين السماء الدنيا بالكواكب فجعلها زينة وجمالاً فلما فرغ من خلق ما "أحب" أستوى حيث يقول (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) (الأعراف: 54)، وبعد أن هيأ له كل ما يمكن العمل به والعيش هو(بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) (البقرة: 117)، خلق ذلك النسبـي وأوجده كاملاً (جسد + عقل + روح) حيث تتموضع الروح في الجسد الطيني، فاختيار الطين فيها رؤيا ومغزى ورمزاً جمالياً صيره له، كون الطين أكثر انسجاماً وجمالاً من أي شيء آخر أوجده المطلق في هذا الخلق الذي تحدثنا عنه (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ) (المؤمنون: 12).

إن أفضل صورة للجمال المرمز قدمه المطلق لهذا النسبـي هو خلقه "بيده" ثم نفخ فيه من "روحه" فكيف لنا أن نتصور تلك العلاقة ما بين الاثنين، وكيف لنا أن لا نفهم روعة الحب والجمال والترميز والإتقان في هذا الخلق ومحبته، فهي مكافئة مطلقة تحمل رمزاً وترميزاً جمالياً لعدل المطلق.

إذن كيف يكون ولاء النسبـي وطاعته لذلك الذي لا حدود له ولا موجود غيره وفق ما أفاد به له، وما قام به هذا النسبـي تجاه تفعيل مطالب المطلق بأفكاره وفلسفاته قديماً وحديثاً، إلا دالة وصفية مرمزة وامتنان ذاتي يسمو بها تجاه من أوجده في هذه الطبيعة الجميلة.

الصفحات