أنت هنا

قراءة كتاب جسور وشروخ وطيور لا تحلق

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
جسور وشروخ وطيور لا تحلق

جسور وشروخ وطيور لا تحلق

صدرت رواية "جسور وشروخ وطيور لا تحلّق" للفلسطيني أنور حامد، في طبعتها الأولى سنة 2010م، عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، وزين الغلاف بلوحة فنية من تصميم حنين حامد من فلسطين.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 7
بدأت أتامل وجوه المسافرين، ولفت انتباهي جمال الفتيات غير العادي· كنت قد زرت أكثر من عاصمة في أوروبا الغربية، ولكن نسبة الجمال هنا أعلى بكثير· فضلا عن ذلك، جمال النساء هنا به مسحة شرقية·
 
حين وصلت مكتب المنظمة شعرت بشيء من الرهبة، فهذه أول مرة أقترب فيها من أي مؤسسة لها علاقة بالتنظيمات الفلسطينية· لم يكن مرد الرهبة الخوف من الاعتقال في حال عودتي إلى الضفة الغربية، فهذا شيء قد تتعرض له كفلسطيني بتهمة قراءة أشعار بابلو نيرودا·
 
سبب توتري هو أن علاقتي بالتنظيمات الفلسطينية كانت في منتهى الفتور· لم أكن أطيق أسلوب عملها ومهاتراتها وانتهازية بعضها، ولذلك كنت أبقي مسافة لا بأس بها بيني وبينها، مع أنه كان لي أصدقاء من نشطائها·
 
تجنبت كل ما يمت بصلة إليهم من نشاطات وفعاليات ومؤسسات، وبحثت عن قنوات غير عربية لنشاطي السياسي· أما الآن فعلي دخول مكتب منظمة التحرير في بودابست وطلب المساعدة من مديره الذي لم ألتقه في حياتي، وكل ما أعرفه عنه هو تخمين أحد أصدقائي أنه يساري الميول ومن الممكن الحديث معه·
 
طرقت باب المكتب بتهيب وأدخلتني السكرتيرة المجرية إلى صالة عجت بمن خمنت أنهم طلاب فلسطينيون يدرسون في بودابست· نظر بعضهم إلي بفضول، فيبدو أن شيئا ما في مظهري كان يوحي بأنني لا أنتمي إلى ذلك المكان·
 
سألتني السكرتيرة إن كنت أريد كوبا من الشاي، فشكرتها، وتابعت التأمل في وجوه الجالسين في الصالة· كانوا يتمازحون فيما بينهم، وكانت السكرتيرة المجرية تشاركهم المزاح أحيانا· ببساطة كان الجو العام في المكتب ودياً ويبعث على الطمأنينة بل والاسترخاء وبعيداً عن تصوراتي المسبقة عن مؤسسات منظمة التحرير، والمبنية على معرفتي ببعض أفرادها في أماكن أخرى من العالم·
 
من إحدى الغرف المجاورة كان يصلني صوت نقاش سياسي حاد يدور بين بعض الأشخاص الذين يتحدثون بلهجات عربية مختلفة، عرفت منها العراقية واللبنانية، والفلسطينية طبعا· ذكرني أحد الأصوات بشاعر فلسطيني معروف كنت قد سمعت إحدى قصائده المسجلة بصوته لدى صديق فلسطيني في أنقرة، وأعجبتني· سأكتشف لاحقا أنه هو بعينه، وستنشأ بيننا صداقة أدبية وربما فكرية، بينما ستبقى صداقتنا الشخصية بمستوى أقل، تحكمه عوامل مرتبطة باعتبارات سياسية ومفاهيم اجتماعية متشابكة، خاصة به أولا وأخيرا، قائمة على افتراض ارتباط أي تضامن سياسي وإنساني بالضرورة بمفهوم عشائري حصري· ربما لم تضع الصدف في طريقه من قبل شخصا مثلي، لا ينتمي لأي من تلك الاعتبارات، وافترض أنني انتهازي آخر جاء يستثمر علاقاته العائلية للحصول على منحة· لم يكن هذا جديرا بذكائه الذي اكتشفته في أحاديثنا الأولى وجعلني أحترمه·

الصفحات