أنت هنا

قراءة كتاب لخضر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
لخضر

لخضر

رواية "لخضر" للروائية الجزائرية ياسمينة صالح؛ صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر ببيروت ، وهي الرواية التي وصفها الناقد الأردني "سميح الخطيب" بالمتميزة والمعقدة في آن واحد، حيث قال "الخطيب" في مقالة نشرتها صحيفة الغد الأردنية أن رواية "لخضر" بأبعادها ا

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 2
يا إلهي! ما الذي حدث للسيد؟!
 
قالها السائق بينه وبين نفسه، كما قالها الخدم بينهم وبين أنفسهم· كل من رآه اليوم قالها في سرّه. ما الذي حدث؟ كان هادئاً· لم يكن هدوءه مفتعلا هذه المرة. لأول مرة يبدو هادئا عن قناعة وليس عن واجب. بين الرجل الذي غادرهم أمس وهذا الذي جاء إلى مكتبه اليوم اختلاف كبير وخطير· مع هذا لا أحد كان ليجرؤ على سؤاله مباشرة· طرق سكرتيره الباب طرقاً خفيفاً ودخل حاملاً مجموعة من الملفات والرسائل، وبعض الفاكسات التي وردت إليه من الخارج· كانت الفاكسات منسقة بإتقان شديد داخل ملف أخضر وقد قام السكرتير بترجمتها قبل حملها إليه ككل صباح.
 
ـ جنرال·
 
رفع نظره إلى سكرتيره الذي كان يبحلق نحوه بنظرة غبية أثارت في نفسه رغبة في الابتسام.
 
ـ العقيد هيثم اتصل بكم أكثر من مرة وطلب مني إبلاغه بقدومكم إلى المكتب يا سيدي. هل أبلغه الآن؟
 
ـ لا.·
 
قالها وهو يمد يده إلى الملف الأخضر· فتحه بلا رغبة في القراءة· بدا له لون الملف سخيفاً وهو يتأمله. كل شيء كان أخضر هنا. البذلة الرسمية التي يلبسها. ديكور المكتب. الكراسي والأريكة العريضة التي يستلقي عليها أحياناً. السجاد أخضر، متمازج بين الداكن والفاقع. كان السجاد هدية من جنرال إيراني· قال له وهو يصف له قيمة هديته: إهداء سجاد إلى صديق يعني محبة دائمة! لم يكن وقتها ليتقبل المحبة الدائمة ولكنه أحب ذلك السجاد كثيراً. وجد له مكاناً في مكتبه الذي لا يدخله كل الناس، فقط من يسمح لهم بالدهس على السجاد بأحذيتهم العسكرية الثقيلة. كان أحياناً يتأمل الرسومات المتشابكة وكأنها كتابة هيروغليفية، ويتأمل تلك الأحذية التي تأتيه لتدوس على النقوش· لم يكن ليكترث كثيراً بهذه التفاصيل الصغيرة. خيل إليه اليوم أنه يستطيع أن يطلب من زائره ترك حذاءه خارج المكتب، كما يفعل أي مصلي قبل الدخول إلى المسجد! صحيح أن الفكرة بدت له سخيفة، لكنه ابتسم أمام عيني السكرتير الذي كان يسترق النظر إليه بين الفنية والأخرى منتظراً أوامره الصباحية· كان يعرف أن السكرتير مستغرب أيضا، ربما لأنه بادره بتحية أصابته بحالة تشبه الإغماء! نظر الجنرال إلى عيني سكرتيره الصغيرتين. كان شابا في الثلاثينات من العمر، أنيق ومهذب ومرتبك دائماً في حضور الغرباء. ابتسم وهو يرى شحوب سكرتيره. تساءل في سره: هل أنا مخيف إلى هذا الحد؟ وابتسم من جديد، وقبل أن يطلب منه الانصراف قال له بصوت أراده حازماً:
 
ـ أريد ملف الملازم حسين زرياب!
 
غادر السكرتير مسرعاً، بينما أحنى الجنرال رأسه ليتأمل السجاد عن قرب. تنهد مقتنعاً أن عليه نقله إلى مكان آخر كي لا تدوسه الأقدام السوداء!

الصفحات