أنت هنا

قراءة كتاب الانتماء الحضاري والهوية الثقافية في ضوء عروبة القرآن الإسلام العربي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الانتماء الحضاري والهوية الثقافية في ضوء عروبة القرآن الإسلام العربي

الانتماء الحضاري والهوية الثقافية في ضوء عروبة القرآن الإسلام العربي

الانتماء الحضاري والهوية الثقافية في ضوء عروبة القرآن - الإسلام العربي .. معالم في طريق الوحدة والتعايش والاعتدال لتدبّر القرآن وفهمه بلسانٍ عربيٍ مبي  
تأليف: علاء الدين المدرس (أو علاء الدين شمس الدين)
الناشر: دار الرقيم - العراق (2008)

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 2
المـقـدمـة
 
يعد موضوع الهوية والانتماء اليوم من أخطر التحديات التي تواجه الشباب وثقافتهم المعاصرة، وتوجههم الفكري والسلوكي، في عصر العولمة والانفتاح الحضاري الهائل على ثقافات الأمم الأخرى. إننا نكاد نتحسس اليوم وجود مشاكل عديدة تواجه شباب الأمة وتضغط عليهم، باتجاه موضوعة الانتماء الحضاري والقومي وتغيير الهوية، ممثلةً باللغة والدين والثقافة عموماً. وان أهم صور تلك التحديات المضادة، التي غزتنا في عقر دارنا بسبب الثقافة الوافدة هي، تحدي ثقافة التغريب، والتحدي الشعوبي الذي يقوم على أساس عقيدة كره العرب واحتقارهم وإلصاق المثالب في تراثهم العريق، ونشر الفساد والفجور والإلحاد بينهم، فيما سمي قديماً، بالمجون والزندقة وثقافة الكره والأحقاد، بدل منهج الاستقامة والإيمان وثقافة المحبة والأخوة التي يدعو لها الإسلام الحنيف.
 
والجدير بالذكر أن الشعوبية المعاصرة لا تقتصر فقط على فرق الغلو والباطنية، التي ترعرعت في العصر العباسي، بسبب الاحتكاك والتنافس الحضاري والديني بين الحضارة الإسلامية والحضارة المجوسية المندحرة في حينها، وإنما امتد ذلك النفس الشعوبي اليوم المعادي للعروبة والاسلام، ليشمل الغرب الاستعماري الصليبي الصهيوني، بجناحيه الفكري المرتكز على الثقافة التوراتية والثقافة الرومانية، وما تبعه من نظرة متعالية ومنحازة تعتمد مفاهيم الاستعلاء والغطرسة الغربية التي أصبحت جزءاً مهما من الثقافة الغربية المعاصرة، وما يبشر به بعض منظري الغرب، في محاولة لاعادة الأمجاد الرومية القديمة، لاحكام السيطرة على العالم والهيمنة على مقدراته، وتصدير مفاهيمه الثقافية المعاصرة، تحت شعار الحداثة والديمقراطية والعلمنة والعولمة وغيرها، مما يفتخر به الغرب اليوم، بروح متعالية ومتكبرة، تزدري وتهمّش باقي الثقافات والحضارات التي ساهمت في بناء حضارة الإنسان منذ القدم. إن الشعوبية المعاصرة ذات رؤوس ثلاثة متحالفة ومتعاونة فيما بينها، هي (الامبريالية الغربية واليهودية العالمية والمجوسية الباطنية)، وهي تلتقي تحت مظلة المصالح والقواسم المشتركة والكذب الإعلامي الرخيص. إذ تلتقي في أهداف موحدة كبرى، لاقتسام الإرث الحضاري والمادي لأمم الأرض الأخرى، من خلال نشر المبادئ الشعوبية القديمة، ممثلةً بالإلحاد والفساد وثقافة الكره والتهميش، لكل من يحاول منافستها والدخول في المنتدى الأممي الحضاري، للإسهام في بناء الحضارة والتقدم الدولي الحديث، وفي مقدمة تلك الأمم، أمة العرب والإسلام، صاحبة الرسالة الخاتمة، التي أناطها الله سبحانه بها، لكي تعيد مسيرة الحضارة إلى الصراط المستقيم، لعبادة الله رب العالمين، ونشر العدل والسلام في ربوع الأرض، كما كانت متلألئة في عصور حضارة القرآن التليدة. فالعربي اليوم محارب في انتمائه القومي والديني وتقاليده الاجتماعية والأخلاقية، ويواجه تحدياً داخلياً وخارجياً على السواء، باعتبار أن القومية العربية قد وضعت منذ مطلع القرن الماضي على التضاد، وفي المواجهة المباشرة، مع القومية التركية والفارسية والكردية وباقي القوميات في العالم الإسلامي، وذلك بسبب زرع الثقافة العنصرية بين أبناء الأمة، مما أدى في نهاية المطاف إلى تفتت العالم الاسلامي وبداية التمزق والتشرذم، الذي عانى منه العرب والمسلمون في القرون الأخيرة، ولا زال يعاني منه حتى الآن. وهذا هو التحدي المحلي والإقليمي للأمة، لما يحيط بالعرب من أقوام وأعراق وشعوب مسلمة، كانت منذ وقت قريب منصهرة في بوتقة واحدة ومنهج واحد، ومتحدة في أمة واحدة هي أمة القرآن، وكانت هذه الشعوب جزءاً أساسياً ومكوناً جوهرياً لها. وقد تعاونت فيما بينها، لتفعيل دور حضارة القرآن على الأرض.
 
أما التحدي الخارجي الذي يواجه العرب اليوم، ويحاربهم بكل ما أوتي من قوة، لتغيير هويتهم، فهو التحدي الثقافي الغربي المعاصر، والذي تقوم ثقافته، المبنية فكرياً وتراثياً على الإغريقية والتوراتية، وحداثياً على ثقافة العلمنة والعولمة، للتبشير بحضارة الغرب المادية. أما دينياً ورسالياً فإننا نواجه اليوم تحدياً كبيراً، من قبل دعاة التهويد والتوراتية من جهة، ودعاة التنصير والصليبية من جهة ثانية، ودعاة التمجيس والباطنية من جهة ثالثة، مصداقاً لحديث التداعي المعروف (يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها...) وحديث مولود الفطرة ( كل مولود يولد على الفطرة، وأبواه يهودانه أو ...) وكل ذلك من أجل أن نتخلى عن هويتنا القومية والدينية، لصالح دعاة الترضية والشعوبية والباطنية بكل صنوفها القديمة والحديثة.

الصفحات