أنت هنا

قراءة كتاب الانتماء الحضاري والهوية الثقافية في ضوء عروبة القرآن الإسلام العربي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الانتماء الحضاري والهوية الثقافية في ضوء عروبة القرآن الإسلام العربي

الانتماء الحضاري والهوية الثقافية في ضوء عروبة القرآن الإسلام العربي

الانتماء الحضاري والهوية الثقافية في ضوء عروبة القرآن - الإسلام العربي .. معالم في طريق الوحدة والتعايش والاعتدال لتدبّر القرآن وفهمه بلسانٍ عربيٍ مبي  
تأليف: علاء الدين المدرس (أو علاء الدين شمس الدين)
الناشر: دار الرقيم - العراق (2008)

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 10
لقد ارتبط اسم أصحاب الفيل في التاريخ الإسلامي بثلاث حروب غير متكافئة ومصيرية بين الإسلام وبين الكفر والطغيان، مرة في عام الفيل وهزيمة جيش أبرهة – كما مرّ- وهو الحدث الذي حدث في عام الفيل، وفي معركة القادسية في العراق وهزيمة جيش كسرى ورستم والهرمزان، وكانت النتيجة – ولو بعد حين - دخول أقوام هؤلاء الطغاة في الإسلام، سواء في الحبشة واليمن أم في إيران والعراق وخراسان والهند، وهي بشارات قرآنية تؤكدها هذه السورة العظيمة، ومن ظلالها اللطيفة والكريمة، فهل سيكون الأمر نفسه مع أصحاب الفيل الجدد، وهل سيكون فشلهم وخسارتهم وذهاب ريحهم وريح أعوانهم سبباً في دخول هذه الشعوب والأقوام في الإسلام استناداً إلى نفس البشارة القرآنية؟!..
 
أما سورة قريش، فهي سورة مكية أيضاً. وتتحدث عن نعم الله على قريش أشرف قبائل مكة والجزيرة، بإسناد سدانة الكعبة إليها، وتبوّء الرئاسة والزعامة على سائر العرب.
 
وتتحدث هذه السورة العظيمة عن موضوع خطير ومهم يخص الأمن القومي العربي والأمن الإقليمي، وصلته بمكة وموقعها وضرورة تأمين طرق التجارة والسفر والسياحة الدينية منها واليها عبر الاتجاهات الأربعة المعروفة، ولذلك تؤكد السورة على أهمية العبادة والخضوع لرب البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف، سواء في عصر نزول السورة أو العصور التي تلت والى الآن. لقد كانت قريش – قبيلة النبي  وأفضل قبائل العرب - وما زالت توفر الأمن والطعام والإقامة لأهل مكة والجزيرة عموماً في مواسم الحج والعمرة، بفضل البيت الحرام، وإجلال الناس له ولأهل مكة القرشيين، فقداسة البيت وارتباط قلوب الناس به منذ عصر إبراهيم، جعل لقريش مكانه خاصة في قلوب العرب وغيرهم، وجعل لها مهابة ومنزلة خاصة، جعلتهم يعيشون في رغد العيش، وفي أمن قل نظيره بين القبائل والشعوب.
 
إن العرب عامة وقريشاً خاصة شرّفها الله تعالى بحمل الرسالة الخاتمة للعالمين، واصطفاها كأمة وكقبيلة على باقي الأمم والشعوب والقبائل. وحباها الله كبيت وعشيرة بشخص النبي  ، وميّزها على باقي البيوت والأمم. ويشير المصطفى  إلى ذلك المجد والشرف العلوي لأمة الإسلام في الحديث الصحيح الذي يرويه مسلم فيقول: إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشاً من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم .
 
وفي هذه السورة يشير القرآن إلى مسألة اعتقادية هامة، وهي أن عبادة رب البيت وهو الله سبحانه الواحد الأحد -وليس الأصنام والأوثان- وإخلاص العبادة له والسير على منهجه، هي الرد الطبيعي لإظهار الشكر والمنّة على نعمتي الإطعام والأمن والسلام التي وهبها الله المنعم لعباده المؤمنين، ولذلك قال: فليعبدوا ربّ هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف. فليس هناك أخطر -على الأمم والشعوب- من تسلّط الجوع والخوف على المجتمع، بسبب الشرك والصراعات والحروب والفتن، التي تؤدي إلى الفقر والمرض والتخلف والجوع وإراقة الدماء، كما هو حال الشعوب المعاصرة، وما تعانيه من فقدان الأمن الغذائي والقومي، بسبب البعد عن الله سبحانه وتعاليمه الحكيمة العادلة. وهذه السنة الإلهية التي تربط بين الأمن والعبادة، هي دعوة قرآنية لكل الأمم والشعوب، أن يعبدوا رب البيت الذي يطعمهم من جوع ويهب لهم الأمن من بعد الخوف والتفرق والصدام، الذي يعيشه الإنسان في ظل حضارة البعد عن الله والايمان برسالة السماء في كل زمان.

الصفحات