أنت هنا

قراءة كتاب الانتماء الحضاري والهوية الثقافية في ضوء عروبة القرآن الإسلام العربي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الانتماء الحضاري والهوية الثقافية في ضوء عروبة القرآن الإسلام العربي

الانتماء الحضاري والهوية الثقافية في ضوء عروبة القرآن الإسلام العربي

الانتماء الحضاري والهوية الثقافية في ضوء عروبة القرآن - الإسلام العربي .. معالم في طريق الوحدة والتعايش والاعتدال لتدبّر القرآن وفهمه بلسانٍ عربيٍ مبي  
تأليف: علاء الدين المدرس (أو علاء الدين شمس الدين)
الناشر: دار الرقيم - العراق (2008)

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 9
عصر الإيلاف المكي ودور قريش سادنة الكعبة
 
هناك سور عديدة في القرآن تذكر مكة وشعائر الحج والعمرة التي يؤديها المسلمون وهم يشدون الرحال إلى بيت الله الحرام في مواسم الحج والعمرة، ومن بين تلك السور التي يدور موضوعها حول مكة وتاريخها وأحداثها المهمة، سورتان من السور القصار، ينبغي التوقف عندهما ومحاولة التعرف على أسرارهما ومعرفة ما فيهما من الآيات والدلائل التي يتصف بها بيت الله جل جلاله. والسورتان تشيران إلى العصر الذي كانت فيه قريش تتقلد الزعامة والسدانة في مكة بين سائر قبائل العرب الأخرى، منذ زمن قصي بن كلاب جد النبي  الرابع وحتى عهد ظهور الإسلام، والسورتان هما سورة الفيل وسورة قريش. قال تعالى: ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل. ألم يجعل كيدهم في تضليل. وأرسل عليهم طيراً أبابيل. ترميهم بحجارة من سجيل. فجعلهم كعصف مأكول . وقال تعالى:لإيلاف قريش. إيلافهم رحلة الشتاء والصيف. فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف .
 
إن سورة الفيل سورة مكية تتحدث عن واقعة الفيل، حين أراد ملك الحبشة واليمن أبرهة الحبشي أن يغزو مكة، ويهدم الكعبة بهدف توجيه الأنظار إلى مملكته، والشروع ببناء كعبة بديلة في اليمن ليحج الناس إليها بدل الحج إلى مكة، غير أنه باء بالفشل في قصة الفيل المشهورة. وكان ذلك في عهد عبد المطلب بن هاشم جد النبي . وتشير السورة الى التدخل الإلهي في هذه المعركة غير المتكافئة بين الأحباش وأهل مكة، والى إرسال طير الأبابيل التي كانت تحمل حجارة من سجيل، ورمت بها جيش أبرهة حتى أهلكته عن بكرة أبيه، وارتد أبرهة بما بقي من جنده خائباً من حيث أتى.
 
إن هذه الحادثة المهمة في تاريخ مكة، والتي تزامنت مع مولد النبي  في عام الفيل ذات دلالات عديدة أهمها، إن مكة مكان مختار ومقدّس، وقد اختصها الله تعالى بالتقديس والتفرّد والعناية والحفظ والأمن دون غيرها من الأماكن والمدن، وكل ذلك بإرادة الله ومشيئته، مهما تجبّر الإنسان واغترّ بقوته، ليعلم الطغاة والمتجبرون، أمثال أبرهة على مر العصور، أن الله الواحد القهار هو بالمرصاد، لمن يفكر بالعدوان على بيته الحرام، مهما تقدم بنو آدم في العلم وتقنية القوة، ومهما تطورت ووصلت التكنلوجيا والأسلحة الفتاكة والمدمرة وغيرها مما يصنع الانسان. ولنا أن نتصور أن سرباً من الطيور، التي أرسلها الله سبحانه، أمام جيش مدجج بالأسلحة والمعدات مع عدد من الفيلة، فماذا كانت نتيجة تلك المحاولة؟.. كانت النتيجة أن هزمت الطير الأبابيل، التي هي من جنود الله التي لا يعلمها إلا هو، ذلك الجيش العظيم، جيش أبرهة وأصحاب الفيل، تماماً كما هزم المسلمون أصحاب الفيل في معركة القادسية في حروب فتح العراق، ولعل الطغاة والغزاة من أمثال أصحاب الفيل في كل زمان، سيلاقون المصير نفسه. إن هذه المعجزة وما تلاها، تؤكد سنّة التدخل الإلهي في المعارك غير المتكافئة في التاريخ، لتعطي الأمل للفئة المؤمنة القليلة أمام جبروت الباطل مهما تجبّر.
 
ان سورة الفيل تبشر الناس وتؤكد بأن المعجزة الإلهية تتحقق حين يعجز الناس ولا تتوازن القوى بين الظالم والمظلوم، وقد أكد عبد المطلب أمير مكة في زمن الواقعة لأبرهة على هذا المفهوم المستند إلى الإيمان واليقين الثابت والثقة بالله الذي لابد أن يدافع عن بيته وعن المؤمنين، فحين أرسل أبرهة في طلبه قبل اتخاذ القرار بهدم الكعبة، وسأله ماذا يطلب منه قبل أن يقوم بهدم الكعبة. أجابه عبد المطلب أن أعد إلي ابلي، فاستغرب أبرهة من طلب عبد المطلب، وكيف انه لم يذكر الكعبة ولم يطلب فك الحصار عنها ويسأله عدم هدمها، فأجابه عبد المطلب: يا أبرهة أنا رب الإبل..وان للبيت رباً يحميه، فضحك أبرهة وسخر من كلامه، فردّ له الإبل، وقال له يا لك من شيخ خرف، تسألني عن الإبل ولا تسأل عن مكة ومصيرها!!!.
 
ثم وقعت المعجزة وتم تدمير جيش أبرهة وإنقاذ مكة من براثن الأحباش وطغيان حاكمهم المشرك المغرور،، فحين يعجز الناس تنزل سفينة نوح على مرّ الأزمان.

الصفحات