أنت هنا

قراءة كتاب حوارات في قضايا عربية معاصرة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
حوارات في قضايا عربية معاصرة

حوارات في قضايا عربية معاصرة

في كتاب "حوارات في قضايا عربية معاصرة"؛ قبل احتلال القوات الأمريكية البريطانية والمتحالفين معها، لبلد عربي عريق هو العراق، بنحو عقد كامل من الزمان، كانت القضايا الكبرى التي تشغل أمتنا العربية والإسلامية هي نفسها التي تشغلها اليوم: الصراع العربي الإسرائيلي و

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 8
د· المسفر : قلتم سيادة الرئيس بأن الإسلام كما نؤمن به جميعاً هو دين الرحمة والعدل والمساواة، لكن ماذا يجري في السودان في شأن المصالحة الوطنية تحت هذه المفاهيم الإسلامية؟
 
الرئيس البشير: نحن تحدثنا عن الخلافات داخل السودان، يوجد خلاف مع حركة التمرد المسلح ولا خلاف أبداً مع ثورة الإنقاذ الوطني· فما هي الجهود التي بذلناها؟ بدأنا باتصالات مع حركة التمرد منذ قيام الثورة وعقدنا معها جولات· ولأول مرة يحصل تفاوض بين حكومة السودان وحركة التمرد· نحن عقدنا مؤتمراً وبعد أن لمسنا رغبات حركة التمرد وطلبها تطبيق نظام حكم فيدرالي وقبلنا هذه التوصية وبدأنا في تطبيقها· والثورة استجابت لمطالب الجنوبيين وتحركنا خارجياً حركة واسعة فاتصلنا بالناس الذين يمكن أن يؤثروا على حركة التمرد، وتوسطت نيجيريا والعديد من الشخصيات الدولية لحل مشكلة السودان· وتوصلنا إلى قناعة هي أن حركة التمرد لن تجلس وتتفاوض على السلام بجدية إلا إذا اقتنعت بأنها لن تستطيع أن تحقق أهدافها من خلال الحرب العسكرية· ولهذا عمدنا إلى عمل القوات المسلحة ليس بهدف الاستمرار في الحرب ولكن لإقناع حركة التمرد بأنها لن تستطيع تحقيق أهدافها بالعمل العسكري· وقد طرحنا برامج في كل مجالات العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، واقتنع كثير من القيادات بهذه البرامج· ونحن نرحب بكل من يقتنع· ومادامت ثورة الإنقاذ عبارة عن قطار مستمر· ومن يركب القطار لن ندعوه إلى النزول منه·
 
د· المسفر : سيادة الرئيس، ونحن في السودان علمنا ورأينا أن هناك مجموعة من الوزراء يتقلدون مناصب عليا في الدولة ينتمون إلى مجموعة من الأحزاب المنحلة السابقة· ما هو المانع الذي يحول دون أيجاد منابر متعددة لتكون هناك تعددية سياسية ديمقراطية، ومراقبة على الحزب الحاكم من خلال ما يسمى (Check and Balance) وذلك ضـن سيـاق النظـام السياسي الحالي؟
 
الرئيس البشير: نحن نؤمن بالرأي والرأي الآخر· ولو اطلعت على الصحف اليوم لوجدت أن المجلس الوطني رفض مرسوماً دستورياً لتنظيم التجارة أصدرناه كمرسوم مؤقت عندما كان المجلس في إجازة· وعرض على المجلس لإقراره· ووردني اليوم أنه مرفوض من قبل اللجنة الاقتصادية· فإذا كان المجلس يرفض مرسوماً مؤقتاً تصدره الحكومة أو رئيس الجمهورية، فإن ذلك يدل على أننا نطبق فكرة (Check and Balance)· لقد أدخلنا في ممارستنا النيابية تعديلات لم تكن متاحة حتى للبرلمانات المنتخبة· كانت الحكومات تصدر في غياب المجلس مراسيم مؤقتة حول القضايا التي تعتقد أن المؤسسة النيابية قد ترفضها، وتتفق مع رئيس المجلس الذي ينتمي للحكومة على أن لا تعرض هذه المراسيم على الجمعية، فتصبح قوانين· أما بالنسبة لممارستنا الحالية فإن المرسوم إذا لم يعرض على المجلس أثناء دورة انعقاده، فانه يسقط تلقائياً· إذ يجب أن يقول المجلس كلمته سواء بالرفض أو القبول أو التعديل·
 
د· المسفر : أستأذنك سيادة الرئيس أن ننتقل من الهموم السودانية الداخلية إلى هموم سودانية عربية· حَبا الله السودان أرضاً واسعة شاسعة ذات موارد كثيرة، وهناك نتوء جغرافي بسيط يدور حوله صراع قد يؤدي إلى مواجهة مسلحة بينكم وبين جيرانكم· ما هو موقفكم في هذا الشأن؟
 
الرئيس البشير: الحدود بين الدول العربية تمثل أحد مظاهر الضعف، والعرب مقسمون لأكثر من عشرين دولة· إن الشعب السوداني لم يكن طرفاً في رسم الحدود بين مصر والسودان، حيث أنها رُسمت بعد اجتياح بريطانيا ومصر للسودان أثناء الحكم الثنائي، وعقد اتفاق مع حكومة السودان التي كان على رأسها آنذاك حزب بريطاني من جهة وذيلته الحكومة المصرية من جهة أخرى· وظلت هذه الحدود على حالها منذ نهاية القرن الماضي · نحن على قناعة بأن الأمة كلها أمة واحدة وأن الحدود لا قيمة لها ولا قدسية، والحديث عن الحدود المقدسة والدفاع عنها ثقافة زرعها الغرب في الأذهان حتى يكرس حالة الانفصال في الوطن العربي· ونحن في الحقيقة طرحنا على إخواننا في مصر أكثر من حل· طرحنا فتح الحدود أمام حركة المواطنين ونحن مستعدون لأن نستوعب أي عدد من المواطنين· وقد ألغينا تأشيرات الدخول لكل العرب، وعدلنا قوانين الجنسية لنسمح للناس بأن يعيشوا في السودان، وأن يتجنسوا بل سمحنا بازدواج الجنسية· فمن يأتي إلى السودان يستطيع أن يحصل على الجنسية مع احتفاظه بجنسيته إذا اختار أن يبقى· لدينا قناعة بأن الشعب شعب واحد ويجب أن نزيل هذه الحواجز· ولكن إذا فرض علينا أمر ما بالقوة، فإننا نرفض ذلك· نحن قلنا لإخواننا في مصر: لنتباحث ونتحاور، لكنهم دفعوا بجيشهم إلى مثلث حلايب، وهذا المثلث تابع لحكومة السودان منذ عام 1899· وحتى النتوء الموجود في شمال حلفا تابع للسودان· ويقال أن هذه القطعة مصرية فأين المواطنون الأصليون الموجودون منذ بداية التاريخ؟ ولم يشارك سكان شمال حلفا أو سكان مثلث حلايب في أي انتخابات مصرية، وشاركوا في كل الانتخابات السودانية· وإذا ما ذهبنا إلى التحكيم أو إلى محاكم دولية فإننا على ثقة بأنها ستحكم أن هذه أرض سودانية· لكننا لم نحرك الجيوش حتى لا نقاتل بسبب حدود فهذا ضد مبادئنا· نحن لا نتحدث حديثاً يختلف عن ممارساتنا· {يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِندَ الله أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ}( الصف : 2ـ3)

الصفحات