أنت هنا

قراءة كتاب حامل لواء التاريخ في الأندلس - ابن حيان القرطبي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
حامل لواء التاريخ في الأندلس - ابن حيان القرطبي

حامل لواء التاريخ في الأندلس - ابن حيان القرطبي

كتاب " حامل لواء التاريخ في الأندلس - ابن حيان القرطبي " ، تأليف د. أنور زناتي ، والذي صدر عن دار زهران ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 10

ونراه لا يغفل الإشارة إلى حال " مشيخة الشورى " أواخر عهد الخلافة الأُمَوية بالأندلس ، ويتضح هذا عند حديثه عن الخليفة هشام المُعْتَد الذي يقول

عنه : " وزاد فى رزق مشيخة الشورى من مال العين ، ففرض لكل واحد خمسة عشر ديناراً مشاهرة ، فقبلوا ذلك على خبث أصله ، وتساهلوا فى أكل ما لم يستطبه فقيه قبلهم "(72).

وكانت هناك طبقة أخرى تعاني ألوان العسف والتنكيل ، ويطلق عليهم لقب العوام وهم الفئة المهمشة في التاريخ(73) ولا يأتي ذكرهم في الغالب الا عند التأريخ للكوارث كالمجاعات والأوبئة ، أو من خلال ذكر حركات المعارضة التي جري تهميشها بالمثل ودمغها بأبشع التهم والنعوت(74). وتتكون هذه الطبقة من الفلاحين في الريف والحرفيين والعمال في المدن(75) وأغلبها من البربر أو المولدين(76) ، أو الموالي(77) ، وكان على هذه الطبقة أن تتحمل أعباء ضرائب باهظة كانت تُفرَض عليها وكانت تقوم بينهم وبين الدولة هوة سحيقة من سوء الظن وعدم الثقة(78) . وكان لهذا التدني أثره على ابن حَيَّان في معارضته لهذه المظاهر في كتبه وتنديده بفاعليها(79) ، ويقول واصفاً أحد هؤلاء المغالين في جمع الضرائب : " ونعي إلينا فلان، وكان فظاً قاسياً ظنيناً جشعاً جباراً مستكبراً قليل الرحمة نزر الإسعاف زاهداً في اصطناع المعروف، أحد الجبابرة القاسطين على الرعية، المجترين على رد أحكام الشريعة وكان مهلكه – زعموا – من طاعونة طلعت عليه ببعض أطرافه، فتجاسر على قطعها بفرط جهالته، فمات معذباً في الدنيا ولعذاب الآخرة أشد(80).

أما الحالة الثقافية فالعجيب أنه وعلى النقيض من الوضع السياسي ؛ لم تكن الثقافة الأندلسية يوماً أشد إشعاعاً ، وأقوى خصوبة كما كانت عليه في تلك الفترة ففي الغالب تكون الأزمة "تحدياً" يوجب " الاستجابة " – حسب مفهوم " أرنولد توينبي" - ، وغالباً ما تناط النخبة المفكرة بريادة الاستجابة على الصعيدالمعرفي (81) .

ويجمع الدارسون على ازدهار الحركة الثقافية في عصر ملوك الطوائف وذلك راجع إلى تداعيات وظلال العصر السابق ، بما يؤكد أن الظواهر الفكرية في تطورها وفي أفولها تحتاج إلى فترة زمنية طويلة (82) .

هذا وقد مجد الأندلسيون العلماء والفقهاء ورجال الأدب ، وكان لهؤلاء القيادة والريادة في المجتمع الأندلسي أما العلماء فقل من تجده متبحراً في علم واحد أو علمين ؛ بل فيهم من يعد من الفقهاء والمحدثين والفلاسفة والأدباء والمؤرخين واللغويين(83) ولم يقتصروا على العلوم النظرية بل كانت لهم دراسات في علوم عملية(84) كالفيزياء، وعلم العقاقير، والزراعة (علم الفلاحة) والذي أبدعوا فيه وصنفوا التصاميم المشهورة، مسجلين ما توصلت إليه تجاربهم في النباتات والتربة(85) .

وهذا التعدد المعرفي لعب دوراً مهماً في إثراء فكر ابن حَيَّان خاصة وأنه كان مكثرا من الاطلاع على تلك الكتب، وسهلت له تلك النهضة العلمية الاطلاع على تاريخ الممالك النصرانية أيضاً ، مما يرجح أنه كان يعرف عجمية الأندلس وأن " ما أورده ابن حَيَّان من أخبار عن إسبانيا(86) النصرانية ينم عن معرفته الدقيقة بكل أحوالهما وأنساب حكامها (87).

وكان لكثرة مطالعاته التاريخية أن تجنب الروايات الخرافية والأسطورية ولم يشع ذلك في كتاباته ؛ مما كون وعى تاريخى ناقد لديه ومكنه من أن يصور ما وُجد فى البلاط الأندلسي من دسائس وفتن بين الحجاب والوزراء تصويراً نقدياً لا يعتمد على القص فقط .

والخلاصة أن الفكر التاريخي قد اذدهر إبان تلك الحقبة التي شهدت " القرن الذهبي" في تاريخ الفكر الإسلامي(88) وخير نموذج هو حامل لواء التاريخ في الأندلس " ابن حَيَّان القرطبي " .

الصفحات