أنت هنا

قراءة كتاب القدس قضية كل مسلم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
القدس قضية كل مسلم

القدس قضية كل مسلم

كتاب "القدس قضية كل مسلم - سلسلة رسائل ترشيد الصحوة"، تأليف الإمام يوسف القرضاوي، هذه هى الرسالة العاشرة من (رسائل ترشيد الصحوة) وهى تتحدث عن قضية فى غاية الأهمية والخطورة علينا نحن العرب والمسلمين ، حيثما كنا فى أرض الله ، هى قضية القدس الشريف .

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 3

القدس أرض الإسراء والمعراج

وثانى ما تمثله القدس فى الوعى الإسلامى : أن الله تعالى جعلها منتهى رحلة الإسراء الأرضية ، ومبتدأ رحلة المعراج السماوية ، فقد شاءت إرادة الله أن تبدأ هذه الرحلة الأرضية المحمدية الليلية المباركة من مكة ومن المسجد الحرام ، حيث يقيم الرسول * ، وأن تنتهى عند المسجد الأقصى ، ولم يكن هذا اعتباطا ولا جزافًا ، بل كان ذلك بتدبير إلهى ولحكمة ربانية ، وهى أن يلتقى خاتم الرسل والنبيين هناك بالرسل الكرام ، ويصلى بهم إمامًا ، وفى هذا إعلان عن انتقال القيادة الدينية للعالم من بنى إسرائيل إلى أمة جديدة ، ورسول جديد ، وكتاب جديد : أمة عالمية ، ورسول عالمى ، وكتاب عالمى ، كما قال تـعـالى : ) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) (الأنبياء:107)، ( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا )(الفرقان:1)
لقد نص القرآن على مبتدأ هذه الرحلة ومنتهاها بجلاء فى أول آية فى السورة التى حملت اسم هذه الرحلة (سورة الإسراء) فقال تعالى :) سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) (الإسراء:1). والآية لم تصف المسجد الحرام بأى صفة مع ماله من بركات وأمجاد ، ولكنها وصفت المسجد الأقصى بهذا الوصف ( الذي باركنا حوله )، وإذا كان ما حوله مباركًا ، فمن باب أولى أن يكون هو مباركًا .
وقصة الإسراء والمعراج حافلة بالرموز والدلالات التى توحى بأهمية هذا المكان المبارك ، الذى ربط فيه جبريل البراق ، الدابة العجيبة التى كانت وسيلة الانتقال من مكة إلى القدس ، وقد ربطها بالصخرة حتى يعود من الرحلة الأخرى ، التى بدأت من القدس أو المسجد الأقصى إلى السموات العلا ، إلى =سدرة المنتهى+ ، وقد أورث ذلك المسلمين من ذكريات الرحلة : الصخرة ، وحائط البراق .
لو لم تكن القدس مقصودة فى هذه الرحلة ، لأمكن العروج من مكة إلى السماء مباشرة ، ولكن المرور بهذه المحطة القدسية أمر مقصود ، كما دل على ذلك القرآن الكريم والأحاديث الشريفة .
ومن ثمرات رحلة الإسراء : الربط بين مبتدأ الإسراء ومنتهاه ، وبعبارة أخرى بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى ، وهذا الربط له إيحاؤه وتأثيره فى وعى الإنسان المسلم وضميره ووجدانه ، بحيث لا تنفصل قدسية أحد المسجدين عن قدسية الآخر ، ومن فرط فى أحدهما أوشك أن يفرط فى الآخر .

القدس ثالث المدن المعظمة
والقدس ثالث المدن المعظمة فى الإسلام ؛ فالمدينة الأولى فى الإسلام هى مكة المكرمة ، التى شرفها الله بالمسجد الحرام . والمدينة الثانية فى الإسلام هى طيبة ، أو المدينة المنورة ، التى شرفها الله بالمسجد النبوى ، والتى ضمت قبر الرسول * . والمدينة الثالثة فى الإسلام هى القدس أو بيت المقدس ، والتى شرفها الله بالمسجد الأقصى ، الذى بارك الله حوله ، وفى هذا صح الحديث المتفق عليه عن أبى هريرة وأبى سعيد الخدرى ، عن النبى * أنه قال : لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، والمسجد الأقصى ، ومسجدى هذا+ .
فالمساجد كلها متساوية فى مثوبة من صلى فيها ، ولا يجوز للمسلم أن يشد رحاله ، بمعنى أن يعزم على السفر والارتحال للصلاة فى أى مسجد كان ، إلا للصلاة فى هذه الثلاثة المتميزة . وقد جاء الحديث بصيغة الحصر ، فلا يقاس عليها غيرها .
وقد أعلن القرآن عن أهمية المسجد الأقصى وبركته ، قبل بناء المسجد النبوى ، وقبل الهجرة بسنوات ، وقد جاءت الأحاديث النبوية تؤكد ما قرره القرآن ، منها الحديث المذكور ، والحديث الآخر : الصلاة فى المسجد الأقصى تعدل خمسمائة صلاة فى غيره من المساجد ، ما عدا المسجد الحرام ، والمسجد النبوى [متفق عليه] ومنها ، ما رواه أبو ذر ، أن النبى * سئل : أى المساجد بنى فى الأرض أول؟ قال : المسجد الحرام+ ، قيل ثم أى؟ قال : المسجد الأقصى(1).
والإسلام حين جعل المسجد الأقصى ثالث المسجدين العظيمين فى الإسلام ، وبالتالى أضاف القدس إلى المدينتين الإسلاميتين المعظمتين : مكة والمدينة ، إنما أراد بذلك أن يقرر مبدأ هاما من مبادئه ، وهـو أنـه جـاء ليبنـى لا ليهـدم ، وليتمـم لا ليحطم ، فالقدس كانت أرض النبوات ، والمسلمون أولى الناس بأنبياء الله ورسله كما قال الرسول * ليهود المدينة : نحن أولى بموسى منكم .

الصفحات