كتاب "القدس قضية كل مسلم - سلسلة رسائل ترشيد الصحوة"، تأليف الإمام يوسف القرضاوي، هذه هى الرسالة العاشرة من (رسائل ترشيد الصحوة) وهى تتحدث عن قضية فى غاية الأهمية والخطورة علينا نحن العرب والمسلمين ، حيثما كنا فى أرض الله ، هى قضية القدس الشريف .
أنت هنا
قراءة كتاب القدس قضية كل مسلم
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
القدس قضية كل مسلم
الاستسلام الفلسطينى
إن الاستسلام الفلسطينى الذى دفع إليه تسرب الوهن إلى بعض الأنفس ، واليأس إلى بعض القلوب والشعور بالمرارة من تخاذل الكثيرين من العرب ، وارتماء بعضهم فى أحضان الأمريكان ، وسقوط السوفيت ، والإحساس بالرعب من الوحش الأمريكى ، وتحيزه الدائم لربيبته إسرائيل ، واستطالة طريق الجهاد ، وكثرة تكاليفه ، وضحاياه ، كل أولئك سارع بدفع عدد من القادة الفلسطينيين إلى قبول (السلام الأعرج) الذى عرضته إسرائيل ، تحت عنوان (الأرض مقابل السلام). يعنون أن تتخلى إسرائيل عن الأرض الفلسطينية والسورية واللبنانية التى احتلتها عام (1967 م) فى مقابل سلامها ، بحيث لا يناوشها أحد ولا ينازعها . باختصار : هذا القول يعنى : أرض العرب فى مقابل سلام إسرائيل .
أى يردون إلينا أرضنا المحتلة لينعموا بالسلام ، معنى هذا : أن الأرض التى أخذوها بقوة السلاح وبالدم والعنف أمسـت ملكـا لهم ، وأمسى لهم الحق عليها ، وهم يتنازلون عنها ليفوزوا بالسلام !
وقبِل العرب المفاوضات على هذا الأساس الأعوج ، وأعطوا إسرائيل السلام ، ولكنها لم تعطهم شيئًا ، باعت لهم (الترام)! كما تحكى الحكايات عن القاهرى الماكر والصعيدى الساذج .
ما معنى سلام يترك المشاكل الكبرى الأساسية كلها معلقة :
مشكلة القدس .
مشكلة الاستيطان .
مشكلة اللاجئين .
مشكلة الحدود .
هذه المشكلات الخطيرة معلقة مؤجلة ، لا تبحث إلا فى نهاية المفاوضات ، ولم يسأل أحد : وإذا لم نتفق عليها فى النهاية فماذا يكون الموقف ؟
والحقيقة أن هذه المشاكل كانت معلقة ومؤجلة عند العرب ، ولم تكن مؤجلة ولا معلقة عند إسرائيل ، فقد أعلن إسحاق رابين عشية توقيع الاتفاق فى (أوسلو) قائلا ومصرحًا : جئتكم من أورشليم (القدس) العاصمة التاريخية والأبدية والموحدة لشعب إسرائيل !
وكذلك لم يؤجل موضوع الاستيطان ، بل ظل مستمرًا فى أكثر من مكان فى فلسطين ، إلى أن فجرته المحاولة الصريحة الجريئة بإنشاء مستوطنة (هارحوما) فى جبل أبو غنيم وكذلك فى رأس العامود فى القدس الشرقية ، ولا يزال الاستيطان يتوسع وينمو ، فى حين لا يسمح للفلسطينيين أهل البلد وأصحاب الدار ، بأى نمو أو توسع .
وكم رأينا بأعيننا البيوت تهدم على مرأى ومسمع ، لأن إسرائيل لم تسمح بها . ولن تسمح يومًا .
إن الفلسطينيين اليوم أدركوا أن إسرائيل تخدعهم وتلعب بهم ، وأن انسحابها الجزئى المحدود جدًّا لم يكن إلا خدعة كبيرة ، وأنها تستطيع أن تعود إلى احتلال المواقع التى أخلتها فى ساعات قلائل ، وأن زمام الأمور كلها بيديها ، وأن لا حول لهم ولا طول ، وأن السلطة التى منحتها إسرائيل لهم سلطة وهمية ، هدف إسرائيل منها : أن تضرب الفلسطينيين بعضهم بعض ، وأن تسلط بعضهم على بعض ، وأن يكون بأسهم بينهم شديدًا ، لتقف هى متفرجة على صراع الأخ مع أخيه ، وأن بندقية الفلسطينى لم تعد موجهة إلى صدر غاصب أرضهم بل إلى فلسطينى مثله . وهذا مراد إسرائيل .