أنت هنا

قراءة كتاب القدس قضية كل مسلم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
القدس قضية كل مسلم

القدس قضية كل مسلم

كتاب "القدس قضية كل مسلم - سلسلة رسائل ترشيد الصحوة"، تأليف الإمام يوسف القرضاوي، هذه هى الرسالة العاشرة من (رسائل ترشيد الصحوة) وهى تتحدث عن قضية فى غاية الأهمية والخطورة علينا نحن العرب والمسلمين ، حيثما كنا فى أرض الله ، هى قضية القدس الشريف .

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 4

القدس أرض النبوات والبركات

والقدس جزء من أرض فلسطين ، بل هى غرة جبينها ، وواسطة عقدها ، ولقد وصف الله هذه الأرض بالبركة فى خمسة مواضع فى كتابه :
أولـها : فى آية الإسراء حين وصف المسجد الأقصـى بأنـه : ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) (الإسراء:1).
وثانيها : حين تحدث فى قصة خليله إبراهيم ، فقال : ) وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ) (الأنبياء:71).
وثالثها : فى قصة موسى ، حيث قال عن بنى إسرائيل بعد إغراق فرعون وجنوده : ( وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ۖ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا ۖ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ ) (الأعراف:137).
ورابعها : فى قصة سليمان وما سخر الله له من ملك لا ينبغى لأحد من بعده ، ومنه تسخير الريح ، وذلك فى قـولـه تـعـالـى : ( وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ۚ وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ ) (الأنبياء:81).
وخامسها : فى قصة سبأ ، وكيف منَّ الله عليهم بالأمن والرغد ، قال تعالى : ( وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ ۖ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ ) (سبأ:18). فهذه القرى التى بارك الله فيها هى قرى الشام وفلسطين.
قال المفسر الآلوسى : المراد بالقرى التى بورك فيها : قرى الشـام ، لكثرة أشجارها وثمارها ، والتوسعة على أهلـهـا . وعن ابن عباس : هى قرى بيت المقدس ، وقال ابن عطية : إن إجماع المفسرين عليه (2).
وقد ذهب عدد من مفسرى القرآن من علماء السلف والخلف فى قوله تعالى : ) والتين والزيتون ( 1 ) وطور سينين ( 2 ) وهذا البلد الأمين ) (التين:1-3) إلى أن التين والزيتون يقصد بهما الأرض أو البلدة التى تنبت التين والزيتون ، وهى بيت المقدس .
قال ابن كثير : قال بعض الأئمة : هذه محالّ ثلاثة بعث الله من كل واحد منها نبيًّا مرسلاً من أولى العزم ، أصحاب الشرائع الكبار . فالأول : محل التين والزيتون ، وهو بيت المقدس ، الذى بعث الله فيه عيسى ابن مريم عليهما السلام ، والثانى : طور سيناء ، الذى كلم الله عليه موسى بن عمران ، والثالث : مكة ، وهو البلد الأمين الذى من دخله كان آمنًا . وبهذا التفسير أو التأويل ، تتناغم وتنسجم هذه الأقسام ، فإذا كان البلد الأمين يشير إلى منبت الإسلام رسالة محمد ، وطور سينين يشير إلى منبت اليهودية رسالة موسى ، فإن التين والزيتون يشيران إلى رسالة عيسى ، الذى نشأ فى جوار بيت المقدس ، وقدم موعظته الشهيرة فى جبل الزيتون (3).

أرض الرباط والجهاد

والقدس عند المسلمين هى أرض الرباط والجهاد . فقد كان حديث القرآن عن المسجد الأقصى ، وحديث الرسول عن فضل الصلاة فيه ، من المبشرات بأن القدس سيفتحها الإسلام ، وستكون للمسلمين ، وسيشدون الرحال إلى مسجدها ، مصلين لله متعبدين ، وقد فتحت القدس ـ التى كانت تسمى إيلياء ـ فى عهد الخليفة الثانى فى الإسلام عمر بن الخطاب ، واشترط بطريركها الأكبر صفرونيوس ألا يسلم مفاتيح المدينة إلا للخليفة نفسه ، لا لأحد من قواده ، وقد جاء عمر من المدينة إلى القدس فى رحلة تاريخية مثيرة ، وتسلم مفاتيح المدينة ، وعقد مع أهلها من النصارى معاهدة أو اتفاقية معروفة فى التاريخ باسم =العهد العمرى+ أو =العهدة العمرية+ أمنهم فيها على معابدهم وعقائدهم وشعائرهم وأنفسهم وأموالهم ، وشهد على هذه الوثيقة عدد من قادة المسلمين ، أمثال : خالد بن الوليد ، وعبد الرحمن ابن عوف ، وعمرو بن العاص ، ومعاوية بن أبى سفيان (4).
وقد أعلم الله نبيه محمدًا * بأن هذه الأرض المقدسة سيحتلها الأعداء ، أو يهددونها بالغزو والاحتلال ، ولهذا حرض أمته على الرباط فيها ، والجهاد للدفاع عنها حتى لا تسقط فى أيدى الأعداء ، ولتحريرها إذا قدر لها أن تسقط فى أيديهم . كما أخبر عليه الصلاة والسلام بالمعركة المرتقبة بين المسلمين واليهود ، وأن النصر فى النهاية سيكون للمسلمين عليهم ، وأن كل شىء سيكون فى صف المسلمين حتى الحجر والشجر ، وأن كلاًّ منهما سينطق دالاًّ على أعدائهم ، سواء كان نطقًا بلسان الحال أم بلسان المقال (5). وقـد روى أبـو أمامـة الباهلى عن النبى * أنه قال : =لا تزالطائفة من أمتى على الحق ظاهرين ، لعدوهم قاهرين ، لا يضرهم من جابههم ، إلا ما أصابهم من لأواء (أى أذى) حتى يأتى أمر الله وهم على ذلك+ ، قالوا : وأين هم يا رسول الله ؟ قال : =ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس+ (6) .

الصفحات