أنت هنا

قراءة كتاب القدس قضية كل مسلم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
القدس قضية كل مسلم

القدس قضية كل مسلم

كتاب "القدس قضية كل مسلم - سلسلة رسائل ترشيد الصحوة"، تأليف الإمام يوسف القرضاوي، هذه هى الرسالة العاشرة من (رسائل ترشيد الصحوة) وهى تتحدث عن قضية فى غاية الأهمية والخطورة علينا نحن العرب والمسلمين ، حيثما كنا فى أرض الله ، هى قضية القدس الشريف .

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 8

ولما لم يتحقق لإسرائيل كل ما تريد ، طلبت بصراحة من السلطة : تدمير حماس ، وتحطيم كل قوة لها ، وإعانة إسرائيل عليها . وهذا شرط أساسى وضرورى اليوم للعودة للجلوس على مائدة السلام المزعوم .
إن إسرائيل ماضية فى خطتها وإصرارها على تهويد القدس ، وهى خطة ليست بنت اليوم ولا وليدة الأمس . وقد حددت هدفها ، ورسمت سياستها ، ومارست تنفيذها ، بمحاصرتها بالمستوطنات ، والعمل الدائب على تفريغها من أهلها العرب مسلمين ومسيحيين ووضع العوائق والعقبات فى سبيل نموّهم وامتدادهم عمرانيًّا وبشريًّا ، والوقائع كلها شاهدة قاطعة ، والعرب لا يملكون إلا الشجب والاحتجاج والاستنكار ، وهذه كلها لا تجدى فـتيـلاً ، ولا تحيى قتيلاً ، ولا تشفى عليلاً . لقد احتج العرب على مستوطنة أبو غنيم ، واحتجوا على احتلال بيت رأس العامود ، ولكن احتجاجاتهم ذهبت أدراج الرياح .
لم يبق من شىء تخافه إسرائيل إلا الشباب الذين حملوا رؤوسهم على أكفهم ، بائعين أرواحهم لله ، لا يبالون أوقعوا على الموت أم وقع الموت عليهم ، من الذين أقلقوا إسرائيل بعملياتهم الاستشهادية ، وقذفوا الرعب فى قلوب أبنائها ، وأطاروا النوم من أجفانهم ، ولا يفل الحديد إلا الحديد .
لهذا قامت إسرائيل ـ على أعلى مستوى فيها ـ بالانتقام من هؤلاء الأبطال ، فقتلت الدكتور الشقاقى ، والمهندس يحيى عياش ، وشرعت أخيرًا فى قتل خالد مشعل ، بسلاح كيماوى متطور ، وفـى بلـد معاهـد لهـم ، هو الأردن ، ليعلم الجميع أن هـؤلاء قـوم لا عـهـد لـه ولا ذمـة ، كـمـا قـال تـعـالـى فـى أسلافـهـم : ( الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ ) (الأنفال:56).
وهم من قديم يقتلون كل من يقف فى طريقهم أو ينتقدهم ، أو يكشف أحابيلهم ، من مدنيين وسياسيين ومفكرين ، فقد قتلوا اللورد موين ، وقتلوا الكونت برنادوت ، وقتلوا المفكر الإسلامى الدكتور إسماعيل الفاروقى وزوجته أشنع قتلة ، هذا ما تقوله الوقـائـع ، ولا يـزالـون يهـددون ويتـوعـدون كل من يقول كلمة لا تعجبهم ، حتى الرسائل الأكاديمية أو البحوث العلمية ، التى تتحدث عن مذابح النازية معهم ، وتحاول أن تبين حجمها الحقيقى ، لا يسمح لها أن تبرز وترى النور ، حتى إن كاتبيها يتعرضون للمساءلة والمحاكمة بله المضايقة والإيذاء والتهديد ، وآخرهم المفكر الفرنسى المعروف روجيه جارودى .
إن الذين ظلوا يحملون روح الشعب الفلسطينى المجاهد ، وعناد مقاومته ، واستعداده للتضحية ، إنما هم تلك الفئة المؤمنة التى وهبت حياتها وكل ما تملك من نفس ونفيس ، لتحرير الأرض المقدسة ومسجدها الأقصى . إنما هم أبناء حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإخوانهم وأعوانهم فى (الجهاد) المقدس ومن يشد أزرهم من أبناء الشعب . إنهم الذين باعوا أرواحهم لله ليشتروا الجنة ، ولقد ابتلوا وأوذوا وسجنوا وعذبوا فى سبيل الله ، فصبروا وصابروا ورابطوا ، ( وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ) (آل عمران:146،147).
وظنى أن الاستسلام الذي جر إليه الفلسطينيون لن يستمر ، فقد طفح الكيل ، وبلغ السيل الزبى ، وأوشك الصبر أن ينفد ، وحينئذ لا يكون أمام هؤلاء إلا عودة الانتفاضة الشاملة أشد وأقوى مما كانت ، ويفرض الواقع الجديد نفسه ، وتنضم السلطة إلى الشعب ، ويقف الجميع فى وجه العدو صفًّا واحدًا كالبنيان المرصوص . وصدق الشاعر :
إذا لم يكن إِلا الأسنة مركب
فما حيلة المضطر إلا ركوبها !

الصفحات