يُشكل هذا البحث محاولة شاملة أولى لكتابة تاريخ الامتيازات النفطية في إيران، في حقبة زاخرة بالأحداث ابتدأ من العام 1901 وانتهت في العام 1951.
أنت هنا
قراءة كتاب التاريخ السياسي لامتيازات النفط في إيران 1901-1951
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

التاريخ السياسي لامتيازات النفط في إيران 1901-1951
المقدمة وتحليل المصادر
يُشكل هذا البحث محاولة شاملة أولى لكتابة تاريخ الامتيازات النفطية في إيران، في حقبة زاخرة بالأحداث ابتدأ من العام 1901 وانتهت في العام 1951. فقد أضحت إيران في النصف الأول من القرن العشرين، ساحة لتطورات مهمة تمثلت باكتشاف أهم مصادر الطاقة فيها عام 1908، وشكلت السنوات التي تلت ذلك، مرحلة ذات خصوصية وسمات منفردة، لما أظهرت هذه المادة من أهمية على الصعيد العالمي ولاسيما إثر اندلاع الحرب العالمية الأولى.
إن أهمية الكتابة عن النفط في إيران لا تكتسب حيويتها من كونها تهتم بأهم مادة للطاقة، بل لدور هذه المادة في صنع الأحداث على الصعيد الداخلي ورسم سياسة البلاد وعلاقاتها الخارجية مع الدول الأجنبية الكبرى. فضلاً عن ذلك نجد، أن دراسة التاريخ السياسي لامتيازات النفط في إيران يُعد ضرورة لا غنى عنها لتلافي النقص الذي تعانيه دراساتنا في هذا المجال، لأن معظم الدراسات الأكاديمية، ركّزت على الجانب السياسي في إيران في حين أهملت موضوع النفط، دراسة مستقلة، الذي كان وراء أغلب الأحداث السياسية والتطورات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها إيران. ولاشك أن فهم ودراسة التطورات الداخلية الإيرانية يبقى فهماً قاصراً دون دراسة قضية النفط وعليه، فأن الغرض الأساس لهذه الدراسة، كانت متابعة وتحليل التاريخ السياسي لامتيازات النفط في إيران، منذ أن منحت الحكومة القاجارية أول امتياز نفطي في الشرق الأوسط لـ " وليم نوكس دراسي" عام 1901، حتى مجىء مصدق للحكم وتأميم الصناعة النفطية الوطنية عام 1951.
ومن هذا المنطلق، كان إختيار " التاريخ السياسي لامتيازات النفط في إيران 1901-1951" موضوعاً لدراستي، برغم من اتساعه وطول الفترة الزمنية التي يتناولها، ألاّ أنه يؤلف إطاراً قائماً بذاته بالإمكان دراسته في أطروحة مستقلة، فضلاً عن ذلك، فأن الدراسة تُعد إضافة متواضعة للدراسات الأكاديمية المتخصصة بتاريخ إيران، التي صدرت في قطرنا، خاصة الرسائل العلمية الصادرة عن جامعة بغداد والتي أُنجزت تحت إشراف جهابذة قسم التاريخ في كلية الآداب. كما أنها تُعد خطوة مكملة لتخصصي في موضوع إيران، حيث تناولت رسالتي لنيل شهادة الماجستير دراسة العلاقات الإيرانية السوفياتية 1962-1988.
اقتضت طبيعة البحث تقسيمه الى مقدمة وأربعة فصول وخاتمة.
خُصص الفصل الأول من الأطروحة والمعنون "امتياز دراسي وتطوراته حتى قيام الحكم البهلوي 1901-1925"، لدراسة الامتيازات الأجنبية في إيران حتى مطلع القرن العشرين خلفية تاريخية للموضوع، ثم تناولنا الدوافع والأسباب التي دفعت بالحكومة القاجارية الى منح وليم نوكس دراسي امتيازاً نفطياً، في الثامن والعشرين من مايس 1901، مع ذكر أهم الصعوبات والعقبات التي واجهت صاحب الامتياز في البحث والتنقيب عن النفط قبل اكتشافها. وتناولنا فيه، أهم الدوافع لشراء أسهم شركة النفط الأنلكو- فارسية، من قبل الحكومة البريطانية في العام 1914. ونلحظ في هذا الفصل، أن تزايد أهمية النفط ابان الحرب العالمية الأولى وبعدها، قد شجعت الشركات النفطية الأجنبية، ولاسيما الأمريكية، أن تدخل في المناقسة من أجل الحصول على امتياز نفطي في إيران، ومنُحت بعض الشركات الأمريكية امتيازات نفطية في الأقاليم الشمالية من البلاد، إلا أن الصعوبات التي واجهت الشركات النفطية الأمريكية حالت دون نجاحها في تلك المساعي.
واحتوى الفصل الثاني الموسوم "تطورات قضية النفط خلال حكم رضا بهلوي: 1926-1941"، على دراسة تطورات قضية النفط ابان حكم رضا شاه، بعد تتويجه شاهاً على إيران عام 1926 حتى تنازله عن العرش عام 1941. حيث تناولنا فيه الأسباب التي دفعت رضا شاه إلى إلغاء امتياز دراسي عام 1932، وعقد اتفاقية جديدة مع شركة النفط الأنكلو-فارسية بعد رفع النزاع الى عصبة الأمم. وأشار الفصل إلى ظهور التنافس بين الشركات النفطية الأجنبية، في النصف الثاني من العقد الرابع، بعد أن قُلصت مساحة امتياز شركة النفط الأنكلو- إيرانية، مما فسح المجال أمام الشركات النفطية الدولية، بأن تدخل في منافسة من أجل الحصول على امتياز نفطي في المناطق الأخرى من إيران. ولتزايد أهمية النفط بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية، فقد تناول الفصل أيضاً، الأسباب التي دفعت الحلفاء الى غزو إيران، التي كان من بينها حماية حقول النفط فيها من خطر العمليات العسكرية لدول المحور.
ونظراً لعدم وجود أية منافسة أجنبية من قبل الشركات النفطية، بغد غزو إيران من قبل الحلفاء، بسبب ظروف الحرب، وعدم ظهور أي متغير في مجال النفط، فقد ارتأينا في الفصل الثالث، الذي يحمل عنوان " التنافس الأجنبي على نفط ايران في أواخر الحرب العالمية الثانية"، إن نتناول فيه نشاط الشركات النفطية الأجنبية بعد أن ظهرت منافستها في أواخر الحرب العالمية الثانية، عندما توضحت الرؤية لديها بانتصار الحلفاء على المحور، وهذه المنافسة الشديدة بين الشركات النفطية والمساعي السوفيتية، للحصول على امتياز نفطي في الأقاليم الشمالية من إيران، هي التي دفعت الأخيرة الى اصدار قانون في كانون الأول 1944، منعت الحكومة بموجبه منح الامتيازات النفطية لأية جهة أجنبية.
أما الفصل الرابع الموسوم " تصاعد المد الوطني والمطالبة بتأميم النفط 1946-1951"، فقد خصص لمعالجة واحد من أهم مواضيع الأطروحة، يتعلق بتصاعد المد الوطني والمطلبة بتأميم الصناعة النفطية الوطنية، في الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية، عندما طالبت الحكومة السوفيتية بامتياز نفطي في الشمال مقابل انسحاب قواتها من تلك المناطق، وبعد فشل الجهود السوفيتية في هذا المسعى، نتيجة لقرار المجلس الإيراني في تشرين الثاني 1947، بعدم المصادقة على الاتفاق النفطي المشترك بين الاتحاد السوفيتي وإيران، قرر المجلس بموجب قراره المذكور، أن تدخل الحكومة الإيرانية في مفاوضات مع شركة النفط الأنلكو- إيرانية لاستعادة حقوق إيران، فتوصلا الى اتفاقية "كاس- كلشائيان" في تموز 1947، إلا أن المجلس الإيراني رفض المصادقة على هذه الاتفاقية أيضاً، وطالب بتأميم الصناعة النفطية، وأصدر قراراً بهذا الخصوص في آذار 1951، وتمت المصادقة عليه عند استلام الدكتور محمد مصدق للحكم.
إعتمدت الدراسة على مصادر متنوعة، وكانت غايتنا أن تحتل المصادر الأصلية مكاناً واسعاً من الأطروحة، لذلك أخذت الوثائق العراقية غير المنشورة والمحفوظة في دار الكتب والوثائق ببغداد، حيزاً متميزاً بين مصادر الأطروحة، فقد ساعدت المعلومات الواردة فيها في كشف بعض الجوانب الدقيقة التي تتعلق بالموضوع، وإغناء فصول الأطروحة بمعلومات تفصيلية لا غنى عنها، ولا سيما في الفصلين الثاني والرابع.