أنت هنا

قراءة كتاب التاريخ السياسي لامتيازات النفط في إيران 1901-1951

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
التاريخ السياسي لامتيازات النفط في إيران 1901-1951

التاريخ السياسي لامتيازات النفط في إيران 1901-1951

يُشكل هذا البحث محاولة شاملة أولى لكتابة تاريخ الامتيازات النفطية في إيران، في حقبة زاخرة بالأحداث ابتدأ من العام 1901 وانتهت في العام 1951.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 6

متياز وليم نوكس دارسي وتطوراته

حتى اندلاع الحرب العالمية الأولى: 1901-1914

تعود بدايات البحث عن البترول في إيران الى بداية الثمانينات من القرن التاسع عشر، عندما أُسست شركة خاصة للتنقيب عن النفط بموجب امتياز رويتر لعام 1889، من قبل البنك الفارسي الشاهينشاهي. وعلى الرغم من أن الشركة فشلت في جهودها بالعثور على حقول نفطية تجارية، إلاّ أن البريطانيين أولوا النفط الإيراني جانباً كبيراً من اهتمامهم خاصة وأنه بدأ يلفت انتباه المراقبين الغربيين بعد أن تأكد لديهم وجوج كميات كبيرة منها في الأجزاء الجنوبية والغربية من إيران([94])، عندما كتب عالم الآثار الفرنسي "جاكيوس دي مورجان "Jacques de Morgan- بحثاً جيولوجياً عام 1892 عن إقليم الشرق الأوسط، مؤكداً فيه توافر النفط بكميات كبيرة في غرب إيران، تحديداً في الأراضي القريبة من الحدود الفاصلة بينها والعراق([95]).
فاتح مورجان مواطنه "أدوارد كوتي- Edouard Cotte"، وأشرك الأثنان جنرالاً فارسياً يدعى "انطوان كيتابجي- Antoine Ketabji" رئيس الكمارك الإيرانية، واستقر رأي الثلاثة على وجوب استغلال هذه الثروة الكامنة، لكن وقفت أمامهم عقبة عدم توافر المال اللازم ليحصلوا على الامتياز، بالإضافة الى أن عمليات التنقيب تتطلب نفقات باهضة([96]) اتصل كوتي وكيتابجي بالسير "هنري دروموند وولف- "Henry Drummond Wolf، السفير البريطاني السابق في طهران، ليوضحا له القضية([97])، فاتصل بدوره بـ " وليم نوكس دارسي "William Knox D'Arcy-"([98])، الذي يعدّ "أب صناعة البترول بأسرها في الشرق الأوسط". ولولاه لتأخر استغلال حقول النفط في إيران جيلاً، ولتغير اتجاه السياسة البريطانية كثيراً، مع أنه لم يطأ أرض إيران([99]).
أرسل دارسي في آذار 1901 ممثلة الفريد ماريوت A.L. Marriot الى طهران، ومعه كل من الجنرال كتيابجي وكوتي للتفاوض مع الحكومة الإيرانية حول الامتياز([100]). واستطاع ماريوت أن يحقق نجاحاً كبيراً في هذاالميدان، بعد مساعدة كل من البارون دي رويتر صاحب امتياز الثروات الطبيعية في إيران، الذي تنازل له عن جزء من ذلك الحق الخاص بالتنقيب عن النفط، ومساعدة كيتابجي بإقناع مظفر الدين شاه لمنح دارسي امتيازاً شاملاً للبحث عن النفط([101])، بعد إرشاد الشاه ورئيس وزرائه أتابك أعظم وموظفين من ذوي المناصب العليا، وبتوسط المفوض البريطاني في طهران([102]).
بعد تعقيدات كثيرة تم التوصل الى اتفاق وقعّه مظفر الدين شاه في الثامن والعشرين من آيار 1901، منح بموجبه دارسي امتيازاً مطلقاً مدته ستون عاماً لاستخراج النفط من معظم أنحاء إيران([103]). واحتوى الامتياز([104]) على مواد شتى، تأتي في طليعتها الديباجة([105]) التي أُضيفت الى نص الامتياز في حزيران 1901 جاءت فيها:
"خوّلنا تحت ضماننا للمذكور وأيضاً أقربائه ونسله وأصدقائه ووارثيه مطلق الحرية والحق في البحث والتنقيب والحفر في أعماق أرض فارس حسب ما يريده لمدة ستين عاماً وحق الاستيلاء وامتلاك كل ما يستخرجه لهذا البحث من إنتاج دون منازعة أو طعن أو اعتراض"([106]).
ونصت المادة الأولى، أن يمنح صاحبه حق التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي والأسفلت والأوزوكريت، وكذلك الحق في استغلال هذه المواد، والتوسع في إنتاجها وتصديرها وبيعها في جميع أنحاء البلاد([107]).
أما من الناحية الجغرافية، فقد شمل الامتياز أربعة أخماس مساحة البلاد، بمساحة 500 ألف ميل مربع، أو ما يعادل 1.295.000 كلم2([108])، وتشكل 78.6% من مساحة إيران([109]). أما النسبة المتبقية من المساحة الكلية، فكانت تمثل أراضي خمس ولايات تقع في شمال إيران على الحدود الروسية، وهي مقاطعات "أذربيجان وكيلان ومازندران وخراسان واستراباد"، وقد استثناها الشاه، بموجب المادة السادسة من الامتياز، بسبب المعارضة الروسية لشمولية الامتياز([110]).
إلاّ ان الامتياز منح صاحبه الحق، بموجب المادة الثانية، في مد أنابيب النفط في أرجاء البلاد بما في ذلك المقاطعات الخمس المشار إليها، الى الساحل الجنوبي([111]) بل وافقت الحكومة الإيرانية على أن تضع تحت تصرفه بلا مقابل، بموجب المادة الثالثة، الأراضي الحكومية اللازمة، وغيرها من الأراضي التي تمتلكها الحكومة أو الأفراد بأجور معتدلة([112]).
بل إعفاء أراضي شركة النفط، ومنتجاتها من الضرائب والرسوم، وإعفاء الآت التنقيب والاستكشاف والاستخراج ومد أنابيب النفط من جميع الرسوم الكمركية([113]).
مقابل هذه الأعفاءات، يدفع الى الحكومة الإيرانية نسبة 16% من أرباحه الصافية حصة سنوية([114])، وعلى الحكومة أن تتخذ الإجراءات اللازمة كافة لضمان تنفيذ نصوص الامتياز، وصيانة المنشآت والأجهزة التي تقام لهذا الغرض، وحماية ممثلي الشركة ووكلائها وخدمها([115]).
ونص الامتياز في إحدى مواده، على أن يكون عمال الشركة أو الشركات التابعة لها، باستثناء الفنييّن منهم، من المواطنين الإيرانيين([116]).
أما بخصوص الخلافات بين الطرفين، فقد نصت المادة السابعة عشرة من الامتياز، على أنه في حالة نشوء أي خلاف أو اختلاف بين الطرفين، الحكومة والشركات، بشأن تفسير بنود الامتياز، أو حقوق ومسؤوليات أي من الطرفين المتعاقدين، يُحال الأمر على حكمين بطهران يختار كل طرف واحداً منهما، ويُعيّن هذان الحكمان ثالثاً لهما قبل البدء في التحكيم، ويكون حُكم المحكمين أو حكم العضو الثالث في حالة اختلافها نهائياً([117]).
إن نظرة سريعة الى نصوص الامتياز، يُبين مدى الغبن الذي وقع على الحكومة الإيرانية ومواطنيها، وهي كافية لتوضح لنا بأنه اول امتياز نفطي من نوعه في الشرق الأوسط([118])، بل غرابة نصوصه حملت أحد الكتّاب المحايدين، وهو "انطوان موهر" على أن يصف الامتياز بأنه:
" أغرب امتياز من نوعه في تاريخ الأزمنة الحديثة"([119]).

الصفحات