أنت هنا

قراءة كتاب التاريخ السياسي لامتيازات النفط في إيران 1901-1951

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
التاريخ السياسي لامتيازات النفط في إيران 1901-1951

التاريخ السياسي لامتيازات النفط في إيران 1901-1951

يُشكل هذا البحث محاولة شاملة أولى لكتابة تاريخ الامتيازات النفطية في إيران، في حقبة زاخرة بالأحداث ابتدأ من العام 1901 وانتهت في العام 1951.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 8

وأزاء هذا التغثر الذي مُني به دارسي وشركاؤه، اضطر أن ينقل أدوات التنقيب ومعداته الى منطقة "ميدان" أو سهل النفط([150]) على مقربة من "مسجد سليمان"([151]) في المنطقة البختيارية([152]) مستهدفاً التنقيب واستغلال الحقول في هذه المنطقة القريبة من سواحل الخليج العربي، والسبب على ما يبدو في هذا الانتقال كان رامياً الى تخفيض أجور نقل النفط المحتمل الظهور([153]).
وبعد خسارة مالية كبيرة وجهود مضنية، وحالات القلق واليأس وتفكير دارسي بالتخلي عن هذا المجهود الفاشل، عثر على النفط بشكل مفاجىء، وعلى عمق 1180 قدماً في السادس والعشرين من أيار 1908([154]) في " مسجد سليمان"، وأتضح أنه من أكبر الحقول النفطية المكتشفة في العالم حتى ذلك الحين([155]) والحقل يبعد عن سواحل الخليج العربي بـ (150)كم، وأن تفجره في إيران قد تم قبل غيرها من الإمارات العربية على الخليج العربي([156]).
بدأت تلوح مظاهر النجاح، وحفرت آبار إضافية في هذه المنطقة وأصبح نفط إيران محط أنظار الدول الكبرى([157])، وجلب للبلاد مشاكل جديدة لم يكن النظام القاجاري قادراً على مواجتها. كما أن البلاد كانت غير مهيأة لمثل هذا النشاط، إذ كان على الشركة أن توفر مستلزمات الإنتاج والتسويق والميناء الخاص بنقل النفط والبواخر غيرها. غير أن توفير ذلك كان أكبر من إمكانيات صاحب الامتياز([158]). فالنفط باعتباره أهم موارد الطاقة في العالم من حيث الأهمية والقيمة، يتطلب وسائل تقنية متقدمة للتنقيب والحفر والإنتاج والتكرير كما يتطلب استثمار رؤوس أموال ضخمة، وهذا المستوى العالي من التقنية والصناعة المتقدمة يتطلب وجود شركة متخصصة ذات رأس مال كبير. وعليه اقترحت وزارة البحرية البريطانية وتحت أشرافها([159])، تأسيس شركة متخصصة لهذا الغرض تقوم بجميع مستلزمات الإنتاج والتصدير. فتم تشكيل شركة لاستثمار النفط في الرابع عشر من نيسان 1909، باسم "شركة النفط الأنكلو-فارسية "Anglo-Persian Oil Company"([160])، بعد شرائها أسهم شركتي "Bahktiaria Oil Ltd." و "First Exploration Co." اللتين كان دارسي قد أسسهما([161]).
وُضع للشركة الجديدة، وهي شركة مساهمة، رأس مال قدره مليوني جنيه، ووقع اختيار الشركة على اللورد ستراثكونا، رئيس شركة بورما للنفط، رئيساً لمجلس إدارتها ([162]).
بينما حصل دارسي على تعويض قدره 203 ألف جنيه، وما يعادل 900 ألف جنيه عبارة عن أسهم في الشركة الجديدة([163]).
ذكر جون. ت. كارجيل، رئيس شركة بورما للنفط، في جلسة افتتاح شركة الأنكلو- فارسية، أن هذا العمل لا يقتصر على استحواذ شركة بورما للنفط على أغنى آبار النفط في العالم، بل أنه:
"ضمَّن للامبراطورية البريطانية مورداً طبيعياً يشعرون أن الأيام ستثبت إنه ذو أهمية عظمى للشعب، وفي الوقت نفسه حال هذا العمل دون وقوع هذاالمنبع الطبيعي للثروة في أيدي أجنبية غير بريطانية"([164]).
كما وقع الاختيار على عبادان لتكون موقعاً ملائماً للتكرير، وإنشاء أنابيب النفط بقوة إجمالية معدلها 400 ألف طن([165]) من النفط سنوياً([166])، بعد أ، اضطر الإنكليز الى فتح باب المفاوضات مع الشيخ خزعل([167]) أمير عربستان، حيث أجرى السير برسي كوكس، الوكيل البريطاني في بخارى والمتولي شؤون المناطق المحيطة بالخليج، في المحمرة مفاوضاته مع الشيخ خزعل لعقد اتفاقية بشأن جزيرة عبادان للبدء بإنشاء معمل للتكرير فيها. كما اتصل بالشيخ خزعل السير أرنولد ولسن، سكرتير الوفد البريطاني المفاوض، ومدير شركة النفط الأنكلو-فارسية بعد الحرب العالمية الأولى، للاتفاق معه على ربط خط للأنابيب بين الحقول ومرفأ النفط في عبادان بطول 130 ميل. فتوصل الطرفان في السادس عشر من تموز 1909 الى أتفاق، يقضي بدفع 650 جنيهاً سنوياً لمدة عشر سنوات الى الشيخ خزعل، كايجار لموقع معمل التكرير ومرور أنابيب النفط عبر أراضيه، الى جانب تأييد أستقلاله ضد إدعاء الحكومة المركزية. ووعد بمساعدة إذا ما تعرض لأي أعتداء([168])، ويذكر السير أرنولد ولسن ذلك الوعد بأنه:
"دون أعطاء تلك الوعود وضمان الحماية له لبسط نفوذه على المنطقة لم يكن هناك أي أمل في الوصول معه الى أتفاق حول مد الأنابيب"([169]).
وبموجب هذا الاتفاق،باع الشيخ خزعل للشركة الأراضي المطلوبة، على أن تُرد إليه بانتهاء مدة العقد، ومدت الأنابيب من منطقة الإنتاج الى ميناء عبادان، وتم تصدير أول شحنة نفط من الميناء المذكور عام 1912([170]).
بتأسيس شركة النفط الأنكلو-فارسية وتزايد حاجة الأسطول البحري البريطاني الى النفط، رمت الحكومة البريطانية بثقلها وراء الشركة الجديدة وعملت لتهيئة مستلزمات نجاحها، فطلبت من الشركة المذكورة أن تمدها بمقادير كبيرة من النفط، وخاصة عندما قررت وزارة البحرية البريطانية عام 1913، التي يرأسها "ونستون تشرشل" (1912-1915)، والذي تبنى أفكار "فيشر" أن تستخدم وقود النفط بدلاً من الفحم([171])، وأعلم الأخير مجلس العموم في السابع عشر من تموز 1913، أن وزارة البحرية تحاول أن تسيطر على بعض ميادين النفط لتؤمن ما يحتاج إليه الأسطول من هذه المادة([172])، ولأسباب أخرى ذكرها قائلاً:
"أن البحرية يجب أن تكون المالكة الحرة والمنتجة للوقود السائل الذي تحتاج إليه. ويستلزم ذلك أولاً بناء خزان بهذه الدولة لضمان سلامتنا في وقت الحرب، ولتمكننا من التغلب على تقلبات الأسعار في وقت السلم. وثانياً أن تكون لنا سلطة المعالمة في الزيت الخام عند وصوله، بمعنى أن تكون البحرية قادرة على أن تقوم بعمليات تصفيته وتكريره بالدرجة التي تتلاءم ومطالب الأسطول. وثالثاً أن نكون المالكين، أو على الأقل المسيطرين على نسبة من موارد الزيت الخام الذي نحتاج إليه"([173]).
أرسلت وزارة البحرية بعثة، تتكون من الأدمير ال سلاد E.J.W. Slade وجون كادمن John Cadman والدكتور باسكو E.H.Pascoe وجي. سي. كلارك J.C. Clarke، لدارسة ميادين النفط في إيران، وتقديم تقرير عن إمكانية اعتماد الأسطول البريطاني عليها، فجاء في تقرير اللجنة، بعد عودتها في الخامس والعشرين من كانون الثاني 1914، ما يرضي وزارة ونستون تشرشل([174]).

الصفحات