أنت هنا

قراءة كتاب التاريخ السياسي لامتيازات النفط في إيران 1901-1951

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
التاريخ السياسي لامتيازات النفط في إيران 1901-1951

التاريخ السياسي لامتيازات النفط في إيران 1901-1951

يُشكل هذا البحث محاولة شاملة أولى لكتابة تاريخ الامتيازات النفطية في إيران، في حقبة زاخرة بالأحداث ابتدأ من العام 1901 وانتهت في العام 1951.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 9

وبناء على إلحاح الأميرال فيشر وتشرشل. وخشية انقطاع مورد النفط عن بريطانيا في حالة حرب ضد ألمانيا([175])، أشير باشتراك الحكومة البريطانية في شؤون الشركة من خلال شراء أسهمها. قوبل هذا الأمر، في البداية، بمعارضة مجلس العموم البريطاني، غير أن الضرورات العسكرية والاعتبارات السياسية، دفعت أعضاء المجلس بأغلبية (245) صوتاً ضد (18) صوتاً([176])، بأن تشتري الحكومة البريطانية حصة الأغلبية من أسهم شركة النفط. فدفعت الحكومة البريطانية مبلغاً قدره 2.200.000 جنيه للشركة، في العشرين من أيار 1914([177])، ولما هاجمت المعارضة تشرشل، أجاب ببساطة، بأنه لا يمكن لاية مؤسسة أن تكون تجارية وسياسية في وقت واحد، وأن هذه الصفقة قد عقدت لغرض سياسي بالغ الأهمية، بل وصف ونستون تشرشل، بأنها تساوي في أهميتها شراء"Disraeli" لحصص قناة السوس([178]). اقتنعت المعارضة بأهمية هذا الهدف، ووافقت على مضاعفة المبلغ المشترك به في الشركة حتى ارتفع خلال شهر واحد الى 5.200.000 جنيه([179]). ولأجله تم الاتفاق على أن أي موظف أداري في شركة النفط الأنكلو-فارسية، يجب أن يكون من الرعايا الإنكليز، وأن المجلس العام للشركة ينبغي أن يكون مقره في بريطانيا([180]). وأن يكون فيه إثنان من الأدميرالية([181])، لهم الحق المطلق في اتخاذ حق الفيتو في المسائل السياسية والبحرية([182])، على قرارات الأربعة عشر مديراً المنتخبين من قبل أصحاب الأسهم الباقين. بينما تركت القرارات ذات الصفة التجارية الصرفة خارج نطاق سلطتهم وأصبحت 52.55%([183]) من أسهم الشركة بيد الحكومة البريطانية([184]).
أما حصة شركة نفط بورما فكانت 25%([185])، أما الباقي، 22.5% فكانت أسهم الأفراد([186]).
احتجت الحكومة الروسية حول عملية شراء وزارة البحرية البريطانية هذه الأسهم، لأنها أعطت الحكومة البريطانية إمكنية استخراج النفط، ليس في منطقة النفوذ الإنكليزي والمنطقة المحايدة، بل حتى في منطقة النفوذ الروسي، بالإضافة الى أن ذلك يوّجه ضربة قوية لصادرات النفط الروسية الى ايران. وكتبت صحيفة "Riack" الروسية مقالة بعنوان "روسيا وإنكلترا في بلاد فارس"، أكدت خطورة شراء بريطانيا لأسهم الشركة، بقولها:
"أن تحوّل أسهم شركة النفط الأنكلو-فارسية الى ممتلكات حكومية انكليزية ربما تكون شبيهة بمسألة شراء إنكلترا لأسهم شركة قناة السوس عام 1875 التي بواسطتها احتلت إنكلترا مصر عام 1882"([187]).
وأصر سيرغي سازانوف، وزير خارجية روسيا 1909-1917، على وجوب الحصول على تعهد قاطع من الحكومة البريطانية، بأن عملية الاستثمارات النفطية سوف لا تشمل المنطقة المحايدة ولا منطقة النفوذ الروسي. ولم يقف سازانوف عند هذا الحد، بل اقترح على الحكومة البريطانية الاتفاق مع حكومته، للقيام بمشروع مشترك لاستثمار النفط في المنطقة المحايدة([188]).
وتحت ضغط الدبلوماسية الروسية، ألقى أدوارد غراي، وزير خارجية إنكلترا 1905-1916، خطاباً مطولاً في مجلس العموم البريطاني، أكد فيه أن العملية الجديدة للاستثمارات النفطية ستم في المناطق الواقعة بالقرب من سواحل الخليج العربي ضمن منطقة النفوذ البريطاني([189]). وفي الثالث من تموز 1914 أخبر أدوارد غراي السفير البريطاني في بتروغراد" بيوكينين":
"طالما أن سازانوف يطلب من الحكومة البريطانية إصدار تصريح ملائم للأجل تهدئة الصحافة الروسية والرأي العام الروسي حول عملية شراء الحكومة البريطانية أسهم شركة النفط الإنكليزية- الفارسية فيمكنك أن تخبره بأنني لا أعد مسألة شراء الحكومة البريطانية قسماً من أسهم الشركة المذكورة يحتم علينا العمل في المنطقة المحايدة رغم أننا نرى أن بوسع أية شركة تجارية أن تقوم بذلك"([190]).
بعد إقرار البرلمان الإنكليزي بشراء الحكومة نصف أسهم الشركة المذكورة، فأن هذا العمل كان إيجابياً للطرفين، الحكومة والشركة، أمّن حاجة البحرية البريطانية من النفط، كما أن الشركة أصبحت وثيقة الصلة بالحكومة البريطانية وتعتمد على تأييدها ومعونتها في الحالات كافة. وأصبح أي خلاف أو اختلاف بين الشركة والحكومة الإيرانية وكأنه نزاع بين الحكومتين، الإيرانية والبريطانية([191]).
ان امتلاك الحكومة البريطانية هذا القدر الكبير من الأسهم، في شركة مجال نشاطها جميع أنحاء إيران، معناه أن هذا الامتياز أصبح إنكليزياً فعلاً، وكان طبيعياً أن تُقدم امتيازات خاصة الى القبائل الجنوبية، التي كان يجري في مناطقها أعمال ابحث والتنقيب والإنتاج. ولهذا فقد أغرت أمراء البختيارية على الدخول في الشركة، ووعدوا بإعطائهم فوائد قدرها 3% من جميع الأرباح المنتظرة([192])، على أن تقوم أفراد القبيلة المذكورة، بتوفير الحماية لحقول وأنابيب النفط ومنشآت الشركة، لقاء مبلغ قدره (15) ألف دولار([193]).
وجرى التفاهم أيضاً مع القبائل القشقائية في جنوب البلاد، وقد تم كل ذلك دون علم الحكومة الإيرانية. والغريب في الأمر أن الشركة استقطعت ما دفعته لزعماء القبائل في الجنوب من حصة الحكومة الإيرانية([194]).
اكتسبت حقول نفط الجنوب اهتماماً خاصاً باعتبارها مصدراً رئيساً لتزويد الأمبراطورية البريطانية بالنفط، حيث بلغ إنتاجها عام 1913 1.857.000 برميل([195])، أو ما يقارب 80 ألف طن([196]). ووصل عام 1914 نحو 270 ألف طن. حيث زودت هذه الحقول أسطول البحرية البريطانية ما بين أيلول 1913 حتى نهاية حزيران 1914، كمية بلغت 30 ألف طن من النفط الخام([197]). وبذلك استطاعت الحكومة البريطانية، أن توفر إمدادات وقود مضمونة لأسطولها في المحيط الهندي، الأمر الذي قوّى من أطماعه ليس في إيران فحسب بل في الأراضي العراقية، لأن قسماً من الأراضي الإيرانية الغربية والواقعة ضمن نطاق امتياز دارسي، مثل منطقة نفط خانه، قد دخل في أرض العراق بعد تسويات الحدود بموجب بروتوكول القسطنطينية([198])، الذي وقعّ في استانبول بين الحكومة الإيرانية والدولة العثمانية، في السابع عشر من تشرين الثاني 1913([199]).
هكذا أصبح للإنكليز في إيران، قبيل الحرب العالمية الأولى، شركة نفطية كبرى، تسيطر عليها الحكومة البريطانية سيطرة كاملة، بموجب أسهمها التي تفوق النصف، مضافاً إليها الثلث الباقي التي تمتلكه شركة بورما، لكونها خاضعة للإشراف المباشر للبحرية البريطانية. وبهذا فإن بريطانيا دخلت الحرب العالمية الأولى، وهي تمتلك أكثر من ثلثي أسهم شركة النفط الأنكلو-فارسية.

الصفحات