أنت هنا

قراءة كتاب التاريخ السياسي لامتيازات النفط في إيران 1901-1951

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
التاريخ السياسي لامتيازات النفط في إيران 1901-1951

التاريخ السياسي لامتيازات النفط في إيران 1901-1951

يُشكل هذا البحث محاولة شاملة أولى لكتابة تاريخ الامتيازات النفطية في إيران، في حقبة زاخرة بالأحداث ابتدأ من العام 1901 وانتهت في العام 1951.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 3

الفصل الأول

امتياز دراسي وتطوراته حتى قيام الحكم البهلوي

1901-1925

* الامتيازات الأجنبية في ايران حتى مطلع القرن العشرين ( خلفية تاريخية).

* امتياز وليم نوكس دارسي وتطوراته حتى إندلاع الحرب العالمية الأولى1901-1914ْْ.

* تزايد أهمية النفط الإيراني ابان الحرب العالمية الأولى وبعدها حتى قيام "انقلاب حوت" شباط 1921.

* تطورات قضية النفط بعد انقلاب شباط 1921 حتى قيام الحكم البهلوي شباط 1921-تشرين الأول 1925.

الامتيازات الأجنبية في إيران حتى مطلع القرن العشرين

كانت إيران ([1]) بحكم مجموعة من العوامل والمتغيرات، أهمها موقعها الجغرافي التسراتيجي ومواردها وحاجات الدول الكبرى لها، وما أصابها من انحلال في تاريخها الحديث، منطقة مؤهلة لتغلغل الدول الأجنبية حسب اهتماماتها في ظروف دولية مختلفة([2]).
جاء اهتمام روسيا وبريطانيا بإيران أكثر من الدول الأوروبية الأخرى([3]). إذ أن أهمية الموقع القاري لإيران، حيث تقع جنوب روسيا ولها حدود مشتركة طويلة معها، بالإضافة الى خصوصية الموقع المائي لإيران بالنسبة لروسيا، حيث تملك إيران ساحلاً طويلاً على الخليج العربي إضافة الى ساحلها على المحيط الهندي، أما روسيا فمحاطة ببحار تكون متجمّدة في معظم شهور السنة([4])، كل ذلك جعل من ايران محط أنظار القياصرة الروس الساعين للوصول الى سواحل البحار الدافئة([5]).
أما السياسة البريطانية التقليدية، فقد ركّزت على سلامة مستعمراتها وممتلكاتها في الشرق، وتأمين مواصلاتها البرية والبحرية إليها وخاصة الهند. فمنذ السنوات الأولى من القرن التاسع عشر، دخلت إيران في حسابات بريطانيا دولة حاجزة بين روسيا القيصرية والهند، لقربها ووقوعها في طريقها، لذلك قاومت بريطانيا ظهور أية قوة دولية يمكنها مزاحمتها في هذه المنطقة لديمومة سياستها واستمرار بقاؤها([6]).
اتخذ التنافس البريطاني الروسي، في النصف الأول من القرن التاسع عشر، طابعاً سياسياً واستراتيجياً ثم تحول الى طابع اقتصادي أيضاً في النصف الثاني من ذلك القرن، عندما سعى الجانبان الى الحصول على امتيازات اقتصادية في إيران([7])، لأن المصالح الاقتصادية في هذه المرحلة بدأت تلعب دوراً أكبر كعامل محرك للصراع الدولي الدائر حول إيران([8]). فقد ترتب على اندماج الأخيرة بالسوق الخارجية، في هذه المدة، جملة من التحولات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الكبيرة التي تركت بصماتها على الواقع الإيراني. ونظراً لتحول الإنتاج الإيراني من الإطار الطبيعي الى الإطار البضائعي، ومن أجل السوق الخارجية بالتحديد([9])، أصبح المنتجون الأوربيون، نتيجة للثورة الصناعية، قادرين على انتاج البضائع بشكل أوسع وأرخص، مما جعل التوسع في البحث عن الأسواق أمراً حتمياً سواء في الهند أو الدولة العثمانية أو في إيران([10]).
أصبحت إيران، بعد سلسلة من الامتيازات والاتفاقيات التي حصلت عليها الدول الرأسمالية([11])، تؤلف محوراً أساسياً من محاور الصراع الدولي، اقتصرت أطرافه في البداية على روسيا وبريطانيا، ومن ثم توسعت حلقاته بسرعة لتشمل ليس الدول الكبرى حسب، وإنما امتد ذلك ليشمل دولاً أخرى، لم تكن بلجيكا الدولة الصغيرة والبعيدة عن إيرن الاّ واحدة منها([12]). وللاستدلال على هذه المسألة نشير إلى أن دولة بعيدة مثل الولايات المتحدة الأمريكية، بدأت تحد طريقها الى ايران منذ العقود الأولى من القرن التاسع عشر([13])، من خلال نشاط البعثات التبشيرية([14]). وسرعان ما تعدت العلاقات الإيرانية- الأمريكية حدود النشاط التبشيري، عندما سعت الحكومة الإيرانية الى إيجاد حليف لها من بين القوى الأجنبية، أملاً منها في تحقيق سياسة "القوة الثالثة"، لإيجاد نوع من التوازن بين مصالحها من ناحية، ومصالح كل من روسيا وبريطانيا من ناحية أخرى([15]). ووقّع البلدان في التاسع عشر من تشرين الأول 1851 معاهدة صداقة وتجارة وملاحة([16])، دشنت بداية جديدة للاهتمام السياسي والاقتصادي الأمريكي بإيران، إذ لم يمر عليها سوى مدة قصيرة حتى جرى التوقيع على اتفاقية سياسية واقتصادية بينهما في الثالث عشر من كانون الأول 1856([17]).
لم تكن الولايات المتحدة الدولة المرشحة الوحيدة لأداء دور "القوة الثالثة" والاعتماد عليها من أجل الموازنة بين التنافس البريطاني الروسي، وكانت الدولة الأخرى المرشحة لذلك في نظر الأوساط السياسية الحاكمة هي ألمانيا، التي بدأت ترنو بدورها الى ايران([18]). وفي هذا الإطار وقعّ البلدان على "معاهدة باريس" في الخامس والعشرين من حزيران 1857([19])، حيث دُشن بداية الاهتمام الألماني الجدّي بإيران، من خلال شعارها "الاندفاع نحو الشرق- Drang Nach Osten" الذي ظهر في الربع الأخير من القرن التاسع عشر([20]). ومع بداية هذا القرن اتسعت الأطماع الألمانية في إيران، وذلك بحكم كونها جزءاً من الشرق وامتداداً مهماً للامبراطورية العثمانية التي أصبح لألمانيا موطىء قدم ثابت فيها. كما تحوّل مشروع سكة حديد بغداد الى عامل إضافي قوي دفع برلين الى الاهتمام أكثر بكل ما يتعلق بإيران([21]).
هكذا إزداد تنافس الدول الكبرى عليها، بحكم موقعها الجغرافي وثرواتها الطبيعية وتخلفها الاقتصادي وتحويلها الى سوق لمنتوجاتها، فضلاً عن سياسة ملوك القاجار الفاسدة وحاجتهم الى المال لتغطية سفراتهم الى أوروبا، في أن تحصل معظم الدول الأوروبية خاصة بريطانيا وروسيا على مجموعة من الامتيازات المهمة لاستغلال ثروات البلاد الطبيعية وفي مختلف المجالات الاقتصادية([22]).
ولأهمية إيران الكبيرة للمصالح البريطانية وشعور الإخيرة بالحاجة الماسة لاتصالات تلغرافية مع الهند، لاسيما بعد اشتداد نشاطات المعارضة فيها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، رغبت بريطانيا إشراك إيران بشبكة خطوطها([23])، حيث تم إنشاء بعض الخطوط الهاتفية عام 1862 بين طهران ورشت وتبريز. وتم التوقيع على اتفاقيات بين الطرفين خلال أعوام 1863 و 1865 و 1868([24])، حصل البريطانيون على امتيازات في إيران تمنحهم مد خطوط التلغراف يربط بغداد بميناء بوشهر على الخيلج العربي ماراً بهمدان وكرمان ثم يتصل بخط كراتشي البحري في الهند([25]). وفي عام 1870 حصل البريطانيون على خط آخر من لندن الى تبريز عن طريق الكسندروفسك وأوديسا وتفليس، يربط بالخط الأول([26]). وأخذت إيران تعتمد على بريطانيا دون روسيا في مجال التحديث وإنجاز المشاريع، وكان ذلك بعض المبررات الاقتصادية والسياسية، لن بريطانيا بتقدمها المتميز قد جلبت أنظار دول المنطقة أكثر من غيرها. كما أن تجارب الماضي القريب ولدت حساسية مفرطة لدى الساسة الإيرانيين تجاه روسيا التي تفاقم خطرها بالنسبة لإيران، بعد ان احتل الروس طشقند عام 1865، وسمرقند عام 1868، ومناطق أخرى في آسيا الوسطى([27]) وغيرها بعد ذلك التاريخ([28]).

الصفحات