أنت هنا

قراءة كتاب تاريخ الدولة العثمانية - رجال وحوادث

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
تاريخ الدولة العثمانية - رجال وحوادث

تاريخ الدولة العثمانية - رجال وحوادث

كتاب "تاريخ الدولة العثمانية - رجال وحوادث"، مرت الامة الاسلامية في القرنين السابع والثامن للهجرة (الثالث عشر والرابع عشر للميلاد) بحالة انكماش سياسي وحضاري بدأ بالاطراف الشرقية والغربية واتجه للاقاليم المركزية منها ، وهو ما تجلى بسقوط العراق في المشرق بيد

تقييمك:
4.11595
Average: 4.1 (69 votes)
الصفحة رقم: 6

السلطان مراد الثاني (824-855/14211451):

ولما حاول مراد الثاني بسط سلطانه على سالونيك اعترضه البنادقة، واشتروا المدينة من الإمبراطور مانويل وأقر مراد الثاني الاتفاقية مضطراً في مقابل جزية يدفعونها.
ثم هاجم السلطان مراد الثاني مدينة سالونيك في عام 834/1430 وأحتلها عنوة وظلت آثار الحرب المدمرة في المدينة، حتى عادت كما كانت مزدهرة وعامرة.
ولما اتجه مراد الثاني إلى الشمال ليبسط سلطانه على البلقان. واجهه مقاومة من المجر.
ثم أعلن البابا أو جانيوس الرابع لحرب العثمانيين ورحبت بولندا والمجر وكذا في ألمانيا وفرنسا.
وفي عام 843/1443 وقعت معركة بين العثمانيين والحلف الصليبي الذي قاده الباب أوجانيوس الرابع عند جالوواز بين صوفيا وفليبوبوليس أنتصر فيها الصليبون على العثمانيين، فاضطر السلطان مراد الثاني إلى عقد صلح مدته عشر سنوات، ولكن عارض البابا هذا الصلح وحرص على نقضه باعتبار أن العهود غير ملزمة إذا عقدت مع غير المؤمنين.
وتقدم مراد الثاني لقتال النصارى تحت أسوار فارنا وحقق انتصاراً حربياً عليهم.
وفي عهد السلطان مراد الثاني ازدهرت الحركة الفكرية، وأخذت اللغة التركية تحل محل اللغتين العربية والفارسية. ونشأ نشاط ثقافي شعبي ديني، استهدف تفسير القرآن وتنمية الحياة الروحية في المجتمع.
وفي عام 855/1451 توفى السلطان مراد الثاني وخلفه على عرش السلطنة محمد الفاتح.

الفصل الثاني

السلطان محمد الفاتح (855-883/1451-1478)

تولى السلطان محمد الثاني (الفاتح) عرش السلطنة بعد وفاة أبيه مراد الثاني في عام 855/1451 وهو في الحادي والعشرين من عمره وكان مولده في عام 833/1429.
ومحمد الثاني من أقوى الشخصيات العثمانية الحاكمة. فقد رباه والده تربية ناجحة، فقد أختار له أفضل الشخصيات التي تتولى تدريبه، كما تدرب على شئون الحكم في عهد أبيه فعرف مسؤولية الحكم، وكيفية مواجهة المشاكل والأزمات. وخبر الرجال وعرف نفسه، ومعرفة النفس أولى خطوات النجاح في الحياة، وتعلم نظم الحكم وكيف يكون تصريف شئون الدولة في الدخل والخارج.
لقد واجه السلطان محمد الثاني في فترة حكمه خلال وجود أبيه في الحكم مشاكل التصرف في الأمور منفرداً، فقد تصرف في أمور الحكم دون التشاور مع رجال الدولة وذوي الخبرة في تصريف الأمور. مما أوقعه في مشاكل مع من حوله من رجال الدولة حتى أنهم اشتكوا إلى أبيه السلطان مراد الثاني، فبعث إليه والده وأسدى إليه النصيحة، وكلفه بالاستعانة بمن حوله من كبار رجال الدولة، وذوي الخبرة في الأمور واستجاب محمد لنصائح والده له، فأفاده ذلك في مستقبل أيامه وكان درساً مفيداً له في حياته في الحكم.
لقد ورث السلطان محمد أحسن الصفات من أبيه مراد الثاني، فكان شجاعاً مقداماً شديد المراس يصبر على المكاره ولا يعرف اليأس طريقاً إليه.
تعلم كيف يحارب أعداءه، وكيف يضع الخطط الحربية في ميادين القتال، وأعمال الحصار والقيادة العسكرية.
تعلم ثقافة عصره، تعلم أكثر من لغة فبالإضافة إلى لغته الأصلية، تعلم الفارسية والإغريقية وعرف الإيطالية، ودرس ثقافات هذه اللغات، فساعده ذلك على حسن تدبير الأمور، والإحاطة بتفاصيل ما يعرض عليه من موضوعات، وكان دائم اليقظة .
درس التاريخ وسير العظماء والأبطال، فعرف حياة القياصرة والملوك، والقادة العظام في العالم.
ومن صفات محمد الثاني، الاحتفاظ بأسراره فلا يطلع أحد عليها، مهما كان شأنه حتى يتمكن من تحقيق ما يصبو إليه قبل إفشائه، فيفسد عليه حاله.
نشأ السلطان محمد الثاني في ظروف الحرب فدرس فنون الحرب، وأحب ممارستها، ولم يهمل كل جديد في أسلحة القتال، عند أول ظهورها، بل واستخدمها في حروبه بغير تردد حتى لا يعطى الفرصة لأعدائه فيتمكنوا منه.
أنصرف السلطان محمد الثاني عن حياة الترف والمجون وعاش حياته في جد وإخلاص لبلده وشعبه. فلم يعرف له نديم يجالسه أو محظية يرضى بها شهواته، ولكنه صرف حياته في الجهاد في سبيل إعلاء كلمة الإسلام.
وجمع حوله من يحسنون تدبير الأمور ليعاونوه في إدارة شؤون الدولة في الحرب والسلام، وكان يتشاور مع رجال الدولة، لتحقيق المصلحة العليا للبلاد وإهمال الأهواء الشخصية، وكان يتابع بنفسه تنفيذ ما يصدر من تعليمات وأوامر سلطانية.
والسلطان محمد الثاني هو الذي أرسى قواعد جديدة للدولة العثمانية، ووضع قوانين جديدة لتوطيد أركان الدولة. وبلغت قدرته في الإدارة ووضع القوانين المنظمة للدولة ما جعل من الدولة العثمانية دولة تغلبت على اعتى الدول وقهرتها فتحقق للعثمانيين النصر على أعدائهم في الخارج والاستقرار الداخلي في وقت واحد.
بلغ بالسلطان محمد الثاني درجة عالية من التسامح مع الكنيسة الإغريقية، حتى أدعى المؤرخون الأجانب أن ذلك راجع إلى ضعف الروح الدينية عنده مع أن ما قام به السلطان محمد الثاني مع الكنيسة الإغريقية هو ذات ما يسمح به الإسلام، ولا يتعارض بأي حال من الأحوال مع شريعته لأن يحترم المسيحية واليهودية. لأنها أديان سماوية، وهي لا تتعارض في جوهرها مع الإسلام.

الصفحات